يقف "علي" ذو العشرة أعوام كل صباح في طابور طويل تحت أشعة الشمس المحرقة وبيده دبات المياه الفارغة التي ينتظر طويلا حتى يملأها بالماء.
يتحدث "علي" بحزن عن معاناته اليومية وتركه لمقاعد الدراسة في منطقته بمديرية معين "تركت مدرستي قبل سنة وكل يوم أوقف في هذا الطابور عشان أعبي ماء، وأبي يطوبر عند البترول وأمي عند الغاز".
يشعر "علي" بحزن شديد لتوقفه عن الدراسة، لكنه يقول إنه ليس بيده شيء، وأنه يجب أن يتعاون مع عائلته لكي يستطيع العيش".
وتشير تقارير منظمة رعاية الأطفال خلال عامي 2015 و2016 حول أثر الحرب على التعليم في اليمن إلى أن نحو 3.4 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة و1600 مدرسة تم اغلاقها بسبب انعدام الأمن. كما تم التحقق من 50 حالة من المدارس في اليمن تم استخدامها استخداما عسكريا وأخرى استخدمت كمساكن للنازحين.
وفي مايو 2016 توصلت الأرقام إلى أن 1.8مليون طفل توقف تعليمهم لعدة أشهر فيما بقي 560 ألف طفل خارج المدرسة بينما 1.6 مليون طفل في سن المدرسة يفتقرون أصلا إلى التعليم من قبل الحرب.. وبالنسبة للأطفال الذين يواصلون تعليمهم فقد شهدت جودة التعليم المزيد من التدهور إضافة إلى الخطر الشديد الذي يتعرضون له، حسب تقرير منظمة رعاية الأطفال في اليمن.
كما أن اكتظاظ الفصول الدراسية أزداد كثيرا، بالإضافة إلى نقص في المعدات الأساسية بما في ذلك المناهج.
في ذات السياق ومع حرمان الأطفال الكثير من حقوقهم الأساسية ازدادت أرقام ومعدلات احتياجات أطفال اليمن بشكل مخيف.
تقارير أممية ذكرت أن 90% من الأطفال بحاجة إلى مساعدات إنسانية وهي أكبر نسبة من الاطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة في بلد واحد في أي مكان بالعالم.
وفي مسح ميداني نفذته مؤخرا ذات المنظمة أكدت النتائج أن 10 ملايين طفل يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية متنوعة بالإضافة إلى ارتفاع معدل الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد حيث ذكرت آخر احصائيه لليونيسيف اليوم وبتاريخ 29/8/2016
أن 370 ألف طفل يمني يعانون سوء تغذية حاد، وأن نحو 7 ملايين طفل لا يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة.
وفي ظل تزايد معدلات الفقر والبطالة لدى الأسر اليمنية وانعدام ونقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية والوقود رضخت عدد من الأسر ذوي الدخل المنعدم لتهديدات الحوثي بإرسال أطفالها الذين لم يتعدوا سن 18عاما إلى جبهات القتال مقابل الحصول على وجبات الغذاء الأساسية ومبلغ من المال، فيما قد تفقد أسر أخرى أطفالها رغما عنها ومن دون مقابل.
فوالدة "محمد: تقول بأن ولدها ذي الثلاثة عشر ربيعا قد اختطف من قبل مليشيا الحوثي في شهر( 8 /2016) من وسط حي هائل بصنعاء ومن أمام المنزل ومن دون علم أحد، وهي لا تعلم إلى أين جبهة قتال تم اقتاده..
وأضافت "فور إختفاء ولدي بحثت عنه كثيرا وبذلت شتى الوسائل والطرق عندما اكتشفت أنه لديهم، وحاولت إعادته لكن جهودي باءت بالفشل"..
تتحدث والدة محمد بحرقة "مجرد تخيلي أن ولدي قد يعود إلي جثة هامدة يعذبني ويطير النوم من عيني".. يقول واقع الحال في اليمن إن آلاف الأطفال مخيرون بين العذاب في طوابير احتياجات أسرتهم، أو الموت بفعل الاختطاف واقتيادهم إلى جبهات القتال. نحو ثلاثة أطفال يلقون مصرعهم يوميا في اليمن نتيجة استخدامهم في الحرب بشكل مباشر من قبل جماعة الحوثي.
كما تقول منظمة رعاية الأطفال، مؤكدة أن تجنيد الأطفال ظاهرة انتهجتها جماعة الحوثي تبعا لداعمتها إيران والتي صنفت بحسب تقرير اليونيسيف في المرتبة الأولى من حيث تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحروب كبديل أكثر كفاءة اقتصادية من البالغين تلتها إسرائيل في المرتبة الثانية. ويشكل الأطفال حسب المصدر ذاته، ثلث المقاتلين في صفوف الحوثيين كما أنهم يمثلون غالبية الضحايا في المواجهات المسلحة دونما مراعاة لأية جوانب إنسانية.
وتشهد العاصمة ازديادا في عدد الأطفال الذين ارتدوا السلاح الميليشيات الحوثية وتم استخدامهم في الخدمات العسكرية والأمنية وتوصيل الرسائل والحراسة، فلا يكاد يخلو شارع من شوارع العاصمة صنعاء من أطفال تتراوح أعمارهم بين 14-و18 عاما يحملون السلاح عند نقاط التفتيش أو يعملون حراسا لمؤسسات حكومية أوشركات أو جامعات.