يظن الجاهل – عندما يرى اليمنيين يتحاربون ويقتلون بعضهم بعضا – أنهم يتحاربون ويتقاتلون رغبة في الحرب وفي القتل. لكن العاقل يعرف أنهم يتحاربون ويتقاتلون لحِكْمَه . يحسب الجاهل أن هؤلاء الذين يضربون أبراج الكهرباء , ويعيدون ضربها , والذين يفجرون أنبوب النفط ويعيدون تفجيره – أنهم يفعلون ذلك عبثاً. لكن العاقل يعرف أنهم يضربون ويفجرون ويخربون لحِكْمَه. يعتقد الجاهل أن أولئك الذين يقطعون الطريق، ويقومون بخطف السياح إنما يفعلون ذلك رغبة في تشويه سمعة اليمن وسمعة الدولة . لكن العاقل يعرف أنهم يقطعون الطريق ويخطفون السياح لحِكْمَه. يعتقد الجاهل أن الدولة عاجزة عن بسط نفوذها وفرض هيبتها, وأنها بسبب ضعفها وعجزها تبدو متسامحة مع كل هؤلاء المقاولين بقطع الطريق وقطع الكهرباء وتفجير أنبوب النفط . لكن العاقل يدرك بأن الدولة ليست متسامحة ولكنها تتسامح لحِكْمَه. يبدو للجاهل أن الأحزاب اليمنية الحاكمة وهي تتقاسم الوظائف والمناصب والحقائب والخرائب إنما تفعل ذلك رغبة في الاستئثار وفي الإثراء. لكن العاقل يعرف أنها تتقاسم كل شيء لحِكْمَه. يحسب الجاهل أن أحزاب المعارضة التي وصلت إلى السلطة غرقت هي الأخرى في الفساد, وانشغلت بنهب المال العام. لكن العاقل يدرك أن هذه الأحزاب حتى وإن مارست النهب فهي لا تنهب لكونها فاسدة , ولا تنهب حباً في النهب وإنما تنهب لحِكْمَه. يظن الجاهل أن المتحاورين الذين صمدوا في فندق موفنبيك لم يصمدوا حباً في الحوار , ولا رغبة في البحث عن مخرج, وإنما صمدوا حباً ورغبة بِبَدَل الحوار الذي يصرف لهم بالدولار . لكن العاقل يعرف أن صمودهم كل هذا الفترة كان صموداً لحِكْمَةٍ وليس صموداً من أجل الدولار. يقول الجاهل بأن التمديد للحاكم لا ضرورة له, وتجده يعارض التمديد بقوة، لكن العاقل يرى أن التمديد للحاكم ذروة العقل وذروة الحِكْمَة .