لا فرق بين اللوحة الإرشادية التي تقول "انتبه أمامك مطب"، وبين الملصق الأصفر الذي يقول "انتبه أمامك شيخ مسلَّح".. فكلاهما مُعيقان للسير والتقدُّم والمدنيَّة. وعلى غرار التسميات التي تُطلق على بلد المليون شهيد، وبلد المليون بُرج.. فإن العاصمة صنعاء ينطبق عليها أن تكون بلد المليون مطبّ. تخرج في الصباح فتُفاجأ بمطبّ يرعش كلَّ مفاصل السيارة، فتتساءل من أين جاء هذا المطب الطارئ، الذي يذكِّرك بمقولة "أمرٌ دُبِّر بليل".. فالمطبات هي من صميم عمل أمانة العاصمة، وهي التي ينبغي عليها إزالتها، كما أنها هي المخوَّلة بوضع المطبّ في الأماكن حسبما تقتضيه الضرورة.. لكن القائمين على أمانة العاصمة لديهم سيارات فارهة وناعمة، ولا يحسُّون بالمطبات، وأيضاً لا يرون الحُفر التي تملأ الشوارع، لأنهم مش فاضين يركِّزوا على كلِّ صغيرة وكبيرة. العراق التي تعيش دماراً متواصلاً وعنفاً طائفياً واختلالاً أمنياً يعصب احتواؤه، لا تجد فيها مطبات إلَّا عند نقاط التفتيش فقط، لضرورتها.. وما عدا ذلك فشوارع بغداد كلُّها أنيقة وخالية من المنغِّضات. المطبات معضلة ذات وجهين، وجودها مشكلة، وعدم وجودها مشكلة أيضاً.. ولو سألت أحدهم وهو يقوم بعمل مطب لاقتنعتَ بمبرِّره حين يقول لك "بعض السوَّاقين مش محترمين، بيسرعوا كأنهم في خط الستين"!!. أكتب هذا المقال وأنا أفكر في عمل مطبّ أمام بيتي، خوفاً على أولادي، لأن الدهسَ الذي يتعرض له الأطفال في الحارات يعكس استهتار بعض السائقين بأرواح الناس.. فلو علم السائقون أن القيادة فن وذوق وأخلاق، لما اضطر أحد إلى وضع مطب.