عندما تشكّلت الحكومة المصرية المؤقتة في يوليو الماضي بعد عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم، وتم تعيين محمد المهدي لمنصب وزير جديد للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، شعر الجميع أن مصر تسير على الطريق الصحيح وأن القادم سيكون أفضل للوطن ولكافة التيارات السياسية على تباينها، لكن جماعة الإخوان المسلمين تواصل التمسك بعودة مرسي إلى الحكم كشرط للتفاوض للخروج من الأزمة، وبالتالي أصبحت المصالحة مجرد مبادرات تطلقها شخصيات سياسية لإمكانية توافق الآراء بشأن ابتكار أفضل طريقة للتعامل مع الإخوان وغيرهم من الإسلاميين، ومحاولة تخفيف اليد الثقيلة لجهاز الأمن ووقف الاعتقالات والاحتجاز في حال التظاهر، خاصة وأن مجلس الوزراء المؤقت وافق مؤخرا على مشروع قانون التظاهر، الذي يقيد الحق في التظاهر والإضراب. لا مصالحة مع الإرهاب في هذا السياق أكد محمد أبو حامد رئيس حزب حياة المصريين، أن مصر تحارب الإرهاب والتطرف، ولذلك لا مجال للمصالحة أو التوافق قبل تطهير البلاد من العناصر الإرهابية التي ضربت استقرار المصريين وأمنهم منذ عزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم، ولأكثر من شهرين لم يعد هناك مجال أمام قنوات تلفزيون الدولة أو المملوكة للقطاع الخاص سوى تأكيدات خلال برامجها بشكل شبه يومي عن وقوع هجمات وتفجيرات قاتلة على وحدات الجيش والشرطة في سيناء، فضلا عن تقارير- أقل تواترا- من السلطات مثل العثور على عبوات ناسفة لم تنفجر في جميع أنحاء القاهرة. وبالتالي مع تزايد التظاهرات وانهيار الوضع الأمني على الجميع التكاتف لعبور الأزمة التي تواجهها مصر في حربها على الإرهاب الداخلي المدعوم من الخارج. ولفت أبو حامد النظر إلى أن طرفي المعضلة السياسية الجيش والإخوان أدركا أن كلا منهما لن يستطيع كسر إرادة الآخر أو معتقداته، فالقوات المسلحة لن تتراجع عن انحيازها لإدارة المصريين في ثورة 30 يونيو ومواجهة الإرهاب والعنف المحتمل، وجماعة الإخوان لن تتراجع عن مواصلة التظاهر والعنف سواء من قبل مؤيديها أو عن طريق الحركات الجهادية الموالية لها في سيناء، ولذلك فإن التراشق اللفظي وتوزيع الاتهامات بين الطرفين رسّخ عند القوى السياسية والشعبية تلاشي إمكانية وجود توافق مستقبلي أو حل للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد. وأشار إلى أن عديد الشخصيات العامة ومن بينهم، حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق، وتهاني الجبالي نائب الرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا، وبعض الإعلاميين يصفون جماعة الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهابية، كما أعلنت وزارة الداخلية في مؤتمر صحفي انعقد في شهر أغسطس الماضي على لسان متحدثها. في هذا السياق أشار مختار نوح القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن التهديد الذي شكلته جماعة الإخوان طوال وجودها في السلطة كان يتمحور حول رغبتها في تغيير الهوية الثقافية في مصر، حيث كانت ترنو إلى رسم «هوية» على طريقتها الإخوانية، وبالتالي كان هناك فصيل صغير من المعارضة الوهمية لجماعة الإخوان يتبنى خطابا لا يعترض على ممارسات مماثلة تحت إدارة مختلفة.