بين الحين والآخر ينفي السيد جمال بنعمر أن هناك طبخة رغم أن مؤتمر الحوار الوطني في فندق والشواء يطال أجساداً بعينها، وبصورة تكشف عن طباخين لا يستوعبون أن كثيراً من الملح والبسباس يفسد الطعام سواء بعلم كبير الطباخين أو بأيدي الذي يهبطون على المطبخ خلسة ثم ينسلون بليل. . وكنت وصفت بنعمر ذات مرة بأنه عربي مخلص لمهمته في اليمن وأنه يتمتع بالصبر والكفاءة، غير أنني صرت مدفوعاً بالشراكة في اللغة أخشى عليه من مسألتين: الأولى حالة التضخم التي تصيب الواحد منا عندما يجد نفسه يمشي في موكب لا أقول المندوب السامي وإنما الحاكم الوحيد بأمره بدليل التصريحات إياها.. والثانية مخاوف استدراجه إلى التمترس في مواقع تتصادم مع أبجديات الوسيط العادل الذي ينظر إلى الفرقاء من نفس المسافة ولا يتحرج من إطفاء ما يثير الصدام ويشعل الحرائق. . وصحيح، اليمنيون طيبون وتسكنهم عقدة القادم من وراء الحدود.. سواء جاء بعيون زرقاء وشعر أشقر أو حتى حمل نفس ملامح أجداده اليمنيين.. وصحيح أننا شعب نعاني كثيراً من دوخة القات والدخان وسوء التغذية لكن اليمني ذكي بالفطرة ويفهم النقطة التي يتحول فيها الوسيط من حلّال للمشاكل إلى مساهم في تعقيدها. . المبادرة الخليجية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ومذكرتها التفسيرية ببروز امرأة حبلى تركب فوق سنام جمل قادم للتو من هجمة على مطار الحديدة.. ودليل وضوحها أن الرئيس هادي لم يكلف نفسه عناء إصدار قرار تشكيل لجنة التفسير ربما لأن توضيح الواضح من البينات الفاضحات.. وإذن ما للمبعوث الأممي يأخذ له موقعاً في فريق إنشادي في قضايا تفرض عليه أن يكون أحد عوامل البناء وليس أحد جرافات الهدم. . لا بأس من البحث عن وسيلة يمدد فيها السيد جمال لنفسه على طريقة أبي حنيفة "ولا يبالي" ولا بأس من أن يصبح مستشاراً أبدياً للحكام اليمنيين القادمين وبذات البدلات والحوافز الأممية.. فالداعي القبلي واحد وبلاد العرب أوطاني من الشام لبغداد ومن نجد إلى يمن إلى "تطوان"، فلقد سبق وتحمسنا في اليمن لأن يكون مهاتير محمد مسئولاً يمنياً ولكن هل من مبرر لتواطؤ من أي نوع مع التمديد للفشل والتمديد للحروب على النحو الذي حوته رؤية فترة انتقالية من خمس سنوات؟ ثم هل من الحكم الرشيد التأسيس للمستقبل بكل هذا الكم من الشخصنة والتغول على المنطق وعلى العقل؟ مثل اشتراط ألّا يكون المسئول الإكس لارج (X.L) من الذين لا يستطيع القضاء استدعاءهم للمحاسبة أو العقاب. . نريد في اليمن أن نواصل اعتزازنا بشقيقنا بنعمر.. اعتزازاً يقوم على استحضار قيم الحق والعدل والنزاهة وليس "التكعيف". . أما الركون على أن وجوده بيننا نعمة كبيرة حتى لو أفضت إلى نقمة فإن الأمر يفرض توزيع هذه النعمة على سوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن.. وتلكم خمس سنوات لمن يريد أن يتم ليس الرضاعة وإنما الشفاعة.