أتاحت توترات غير معتادة بين واشنطن وحلفائها من العرب لروسيا الفرصة لاستعادة بعض من نفوذها المفقود في الشرق الأوسط واقتناص بعض صفقات السلاح من منافسين أمريكيين وإحراج غريم قديم ليظهر بمظهر الضعف. ولا أحد يتوقع أن تتحدى موسكوالولاياتالمتحدة بوصفها الضامن الرئيسي للأمن في منطقة الخليج. ولا أن تتنازل واشنطن عن مكانتها الفريدة في محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أو في النزاع على البرنامج النووي الإيراني أو في قضايا إقليمية أخرى. لكن هواجس ثارت لدى بعض الحكام العرب أن الولاياتالمتحدة لم تعد الحليف الذي يعول عليه بسبب اعتقاد أن أمريكا تمتنع على نحو متزايد عن القيام بدور الشرطي في المنطقة ربما لأنها أصبحت أقل خوفا من صدمات النفط العربي بفضل تزايد إنتاجها. ويشعر العرب أن ميزان القوة العالمية يتغير ويشير الاعتقاد بضعف الولاياتالمتحدة مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان إلى أن عرب الخليج أمام خيار صعب. وكان الدعم الراسخ الذي قدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقيادة السورية موضع تقدير كبير حتى بين عرب الخليج الذين يختلفون بشدة مع سياسة الكرملين. كل هذا يعني أن روسيا أمامها فرصة لاستعادة بعض نفوذها الذي فقدته منذ ذروة النفود السوفيتي في المنطقة خلال الخمسينات والستينات. وتسارعت وتيرة تراجع نفوذ الكرملين بعد انتهاء الحرب الباردة قبل نحو 20 عاما ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عازم على تغيير هذه الصورة. ويتوقف نجاح بوتين في جانب منه على قدرته على إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالشروع في إجراء محادثات سلام مع المعارضة والوفاء بوعد التخلي عن الأسلحة الكيماوية. كما أنه يتوقف على قدرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على استعادة ثقة عرب الخليج في سياساته في الشؤون السورية والإيرانية والمصرية والتي تشعر السعودية أنه أبدى فيها كلها ضعفا. وقال صابر سويدان القائد السابق لسلاح الجو الكويتي لرويترز "الدول تناقش صفقات سلاح مع الروس لتبعث برسالة إلى واشنطن لتعديل مسار سياستها". وأضاف: "بوتين يعتقد أن بوسعه إعادة الإمبراطورية السوفيتية القديمة. وإذا استمر أوباما في هذه السياسات فربما ينجح بوتين في مسعاه". وليس الكل بهذا التشاؤم فيما يتعلق بالاستراتيجية الأمريكية لكن محاولات دول عربية رفع مستوى العلاقات مع موسكو اعتبرت وسيلة لإبداء الاستياء من واشنطن. وقال شادي حميد من مركز بروكنجز في الدوحة إن النفوذ الروسي سيتزايد على الأرجح في المنطقة. وفي تطور يتابعه الغرب عن كثب هللت السلطات المصرية لعهد جديد من التعاون الدفاعي مع موسكو الأسبوع الماضي خلال زيارة للقاهرة قام بها وزيرا الدفاع والخارجية الروسيان ووصفها الجانبان بأنها تاريخية.