مع انتهاء الانتخابات التمهيدية الرئاسيةفي الولاياتالأمريكية الخمسين، ثمة حملة انتخابات جديدة تشكل نفسها في الولاية الواحدةوالخمسين غير الرسمية، المعروفة باسم إسرائيل. وقد اصطف موكب من المسؤولين والسياسيينالأمريكيين لزيارة إسرائيل في شهر تموز (يوليو)، مباشرة بعد انتهاء وزيرة الخارجيةهيلاري كلينتون من تجديد بيعتها هناك. ويضم زوار الإدارة الآخرون كلاً من مستشارالأمن القومي توم دونيلون، ووزير الدفاع ليون بانيتا، ونائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز.وكما فعل الرئيس باراك أوباما في العام 2008، رتب المنافس المفترض على البيت الأبيض،ميت رومني، للقيام بزيارة التعميد إلى إسرائيل بدوره قبل نهاية تموز (يوليو). ومن جهتهم، أمضى المسؤولون الجمهوريون:آري فلايشر، المتحدث السابق باسم الرئيس جورج دبليو بوش، والمدير التنفيذي للتحالفاليهودي الجمهوري ماثيو بروكس، عدة أيام من شهر تموز (يوليو) في جولة في إسرائيل، تمهيداًلحملة رومني التي كانت مقررة بعد ذلك بأسبوع. وكان بروكس وفليشر يدعمان مبادرة"أنا أصوت لإسرائيل" iVoteIsrael. وعلى عكس ما يوحيالاسم، فإن هذه المبادرة لا تتحدث عن الانتخابات الإسرائيلية، وإنما عن حملة للتصويتلصالح إسرائيل في الانتخابات الأمريكية. ويقول المدير الاستراتيجي للمنظمة بريطانيةالمولد، آرون شافيف، للصحيفة اليهودية الأمريكية "نيوجيرسي جيويش نيوز":"نحن نشجع الناس فقط... حتى يفكروا في أي مرشح (أمريكي) هو الذي سيكون أفضل لإسرائيل".ومبادرة "أنا أصوت لإسرائيل" هي فرع تابع لمنظمة غير ربحية مسجلة في أمريكا،والتي أنشئت من أجل تسجيل المواطنين الذين يحملون جنسية مزدوجة، إسرائيلية-أمريكية،ويعيشون في إسرائيل، لكي يصوتوا في الانتخابات الأمريكية للعام 2012. وهي تتلقى التمويلمن المساهمات المعفاة من الضرائب الأمريكية، والتي تأتي من الأمريكيين اليهود الأثرياء. وفي إجابة عن سؤال حول مصادر تمويل مبادرة"أنا أصوت لإسرائيل"، قال شافيف لمجلة "+972": "يأتي الكثيرمن الأموال المتبرع بها من أشباه (شيلدون) أديلسون في العالم." وقد أسهم أديلسون،قطب صناعة الكازينو الأمريكية، بمئات الملايين من الدولارات من أجل دعم القضايا الإسرائيلية،وصب أكثر من 70 مليون دولار في جهود دعم المرشحين الجمهوريين في هذه الدورة الانتخابية. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى وجود حوالي100.000 إلى 300.000 من حملة الجنسية المزدوجة، الأمريكية والإسرائيلية، ممن يعيشونفي إسرائيل، والذين أتى الكثيرون منهم من ولاية فلوريدا. وقال شافيف للصحفيين: "إذا استطعتأن أجمع 5000 (صوت) في ولاية فلوريدا، فإن ذلك سيصنع تغييراً في قواعد اللعبة".وفي واقع الأمر، تقررت نتائج انتخابات الولاياتالمتحدة في العام 2000 بفضل مجرد537 صوتاً فقط في ولاية فلوريدا. ووفقاً لفليشر:"هناك احتمال لقدومعدد كبير من أصوات الناخبين الغائبين إلى ولاية فلوريدا وبنسلفانيا وأوهايو، والتييمكن أن تحدث فرقاً". وكان يشير بذلك إلى الولايات المتأرجحة الرئيسية، والتيإذا تم كسبها، فإنها ستحدد هوية الرئيس المقبل على الأرجح. وفي حين تدّعي منظمة "أنا أصوت لإسرائيل"بأنها غير حزبية، فإنها تسعى إلى انتخاب رئيس للجمهورية، والذي يكون مستعداً لمنح إسرائيل"التزاماً مطلقاً". وفي عرض نموذجي للغطرسة الصهيونية، تدّعي أدبيات هذهالمنظمة بأن "نتائج انتخابات العام 2012 هي أكثر أهمية للإسرائيليين من الأمريكيينالعاديين". ولا بد أن تكون منظمة "أنا أصوت لإسرائيل"قد تجاهلت حقيقة أن هناك أمريكيين عاطلين عن العمل أكثر من مجموع سكان إسرائيل كلها،مما يعني أن نتائج الانتخابات تهم عدداً من المواطنين الأمريكيين أكثر من كل إسرائيل. وحتى لا يتم التغلب عليهم، نجد الديمقراطيينيركعون. وقد دعا هيليل شنكر، نائب رئيس حزب "الديمقراطيون خارج إسرائيل"،المواطنين الإسرائيليين-الأمريكيين إلى التصويت لصالح أوباما، لأنها "لا تمكنمقارنة حساسيته تجاه الاحتياجات الأمنية لإسرائيل بأي شخص آخر". إن من المستهجن رؤية كلا الحزبين الأمريكيينوهما يذعنان لمواطنين أدوا قسم الولاء لدولة أخرى، من أجل الحصول على الأصوات التييمكن أن تؤثر في نتيجة الانتخابات الأمريكية، لا سيما أن أصواتهم تعتمد على القضاياالتي تهم الإسرائيليين فقط، وليس الأمريكيين.
*كاتب يهتم بالقضايا العربية، ومؤلف كتاب"أطفال الكارثة: الرحلة من مخيم للاجئين الفلسطينيين إلى أمريكا".