عندما هب كثير من أبناء حضرموت بداية من الجمعة الماضية، لم يكونوا قبل ذلك نائمين أصلا.. الحكومة فقط كانت نائمة.. فقد وقعت واقعة في اليوم الثاني من هذا الشهر، هزتهم، واعني مقتل الشيخ سعد بن حبريش واثنين من مرافقيه في مدخل مدينة سيئون، برصاص جنود قيل إنهم ممن جندوا من ساحات الاعتصامات التي شهدتها البلاد عام 2011، والقضية لم تتضح بعد.. ومن يومها والحضارم يصيحون ويتوعدون، لعل الحكومة تنتبه، لكنها طيلة تلك الأيامكانت تصبح وتمسي وتغدو راقدة.. لم تسمع الأصوات، ولم تسارع إلى وقف تداعيات تلك الواقعة التي ظلت تكبر أمام عيونها. وهب الناس في هبة حضرموت، فهبت معها رياح السموم في محافظات أخرى مثل شبوة وعدن والضالع ولحج، كانت لها تكاليفها الكبيرة.. المصادر الأمنية تكر التصريحات عن الأوضاع الأمنية المستقرة، بينما السلطات المحلية تتحدث عن سطو وفوضى وخراب وقتلى وجرحى، والحمد لله أن عدد هؤلاء الأخيرين أقل مما كان متوقعا، و يرجع ذلك- كما يبدو- إلى تجنب استخدام العنف المفرط من قبل الشرطة، التي تركت معظم الفوضويين يعملون ما يريدون. تدخل النهابون والفوضويون والمسلحون في الهبة، وكان ما كان، من السيطرة على نقاط أمنية ومراكز شرطة، إلى نهب وحرق محلات تجارية ومطاعم وأفران ولوكندات وأسواق قات وبسطات، إلى إضرام النار في الشوارع، وقطع الطرقات، ومحاولات للسيطرة على فروع بنوك ومؤسسات اتصالات، ومقرات للسلطة المحلية، وهجمات على معسكرات، وغير ذلك من صور الفوضى والتخريب التي طالت الممتلكات العامة والخاصة.. ولأن الحكومة راقد دفعت البلاد هذه التكاليف. والأيام لا تزال حبلى، وينبغي أن لا نتفاءل، لأن الفوضى ستستمر في غياب فعالية الحكومة.. وحسبنا أن الهدف الكبير من الهبة قد سقط.. لقد فشلت المحاولات التي قامت بها أطراف سياسية من أجل إسقاط المحافظات.. والفضل في ذلك يرجع إلى رئيس الجمهورية الذي استطاع تدارك الموقف، وإلى الزعيم علي عبد الله صالح رئيس المؤتمر الشعبي، الذي تواصل مع الشخصيات السياسية و الاجتماعية والدينية في تلك المحافظات، وحثها على القيام بواجبها في إفشال المخطط المراد تنفيذه، وفي هذا الاتجاه كان هناك دور لشخصيات سياسية مثل الدكتور بن دغر الأمين العام المساعد للمؤتمر، وبالطبع قام بعض رجال الدين المعتدلين خاصة في حضرموت، بدور يشكرون عليه.. وتعسا للإصلاحيين والاشتراكيين وغيرهم من الذين استغلوا الهبة ونفخوا نارها.