يوم واحد فقط يفصلنا عن الهبّة الشعبية التي دعت لها قبائل حضرموت والتي ستنتهي بالسيطرة على المحافظة والشركات النفطية حد قولها، هذه التهديدات لم ينتبه لها عبدربه رغم صدروها قبل 8 أيام لتقابل توجيهاته في اللحظة الأخيرة بالرفض من قبل قبائل الحموم أولياء دم الزعيم القبلي "بن حبريش". وعلى أية حال يبقى الترقّب والقلق مسيطراً على أبناء المحافظة التي ترفد ميزانية الدولة بأكثر من 80 % وفي حالة نشوب فوضى فبالتأكيد ستتأثر المصالح الاقتصادية للبلاد خصوصاً وأن أغلب الحقول النفطية في البلاد تتركز في حضرموت .. ورفضت قبائل الحموم الحضرمية توجيهات رئاسية بالتحكيم وتلبية مطالب مؤتمر "وادي نحب" المرتبطة بمقتل الشهيد سعد بن حبريش ورفاقه بحُجة أن التوجيهات لا تمثل خطوة جدية باتجاه حلحلة الأزمة. وقال حلف قبائل حضرموت في بلاغ صحفي "لو وجدت المصداقية لدى الدّولة لنفذت على الأقل مطلب إحلال قوات الأمن الحضرمية بدلاً من الآخرين في النقاط الأمنية وكذا إخراج قوات الجيش من المُدن". وقام وفد رئاسي مشكّل من المحافظ والوكيل المنهالي ونائب وزير الداخلية ناصر لخشع بمقابلة مقدّم قبائل الحموم في مديرية غيل بن يمين لغرض حلحلة القضية. وأكد الحلف أن الهبّة الشعبية في موعدها يوم الجمعة القادم. وكان المقدّم سعد بن حبريش وثلاثة من مرافقيه قُتلوا باشتباكات مع نقطة أمنية في سيئون مطلع الشهر الجاري. ودعت رئاسة الحلف أبناء حضرموت إلى رصّ الصفوف وعدم الالتفات إلى أي إشاعات تعمل على شق الصف - حد قول البلاغ. وبحسب وكالة الأبناء اليمنية "سبأ"، أجرى الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية تزامناً مع زيارة الوفد الرئاسي مكالمة هاتفية مع أسرة الشهيد الشيخ سعد بن حمد بن حبريش العليي، مقدماً إليهم أحر التعازي باستشهاد بن حبريش ومرافقيه. وأكد رئيس الجمهورية موافقته على كل الطلبات المشروعة لأسرة الشهيد، مشيراً إلى أنه سيوجّه أيضاً بتلبية المطالب الحقوقية التي كان الشيخ بن حبريش - رحمه الله - يتابع من أجل تنفيذها، وأغلبها يتعلق بقضية التوظيف في الشركات النفطية. ترقب مشوب بالقلق ويترقب المواطنون في حضرموت بقلق ما ستؤول إليه الأوضاع، يوم الجمعة القادم اليوم المحدد لانتهاء المُهلة المحددة من زعماء قبائل للدولة بسحب معسكراتها من المحافظة. وبات القلق يتسرّب إلى نفوس المواطنين من دخول المحافظة في فوضى عارمة تتعطّل معها الحياة العامة ويتوقف العمل في مؤسسات الدولة. وكان زعماء قبائل أمهلوا في ال10 من ديسمبر الجاري الدولة عشرة أيام لسحب معسكراتها ونقاطها الأمنية وتسليم حماية الشركات النفطية لأبناء المحافظة. وهدد زعماء القبائل في حين لم تستجب الدولة للمطالب بهبّة شعبية تبدأ من 20 ديسمبر ولا تنتهي إلا بتحقيق كافة المطالب وبسط السيطرة على المحافظة. ودعا حلف قبائل حضرموت في بيان لاحق العاملين في سلطات الدولة العليا للحكومة إلى تعليق عملهم ابتداءً من يوم "الهبّة الشاملة". ولاقت الدعوة قبولا من أعضاء في حزب الإصلاح، الذي علق رئيسه في المحافظة النائب محسن باصرة عمله في البرلمان، كما أعلن أعضاء في مؤتمر الحوار الوطني مشاركتهم استجابةً لدعوة القبائل. وقال عضو الحوار الوطني صلا ح باتيس: "تلبية لهذا النداء فإنِّي أعلن تعليق مشاركتي في مؤتمر الحوار الوطني الشامل حتى يأذن لي أهلي وإخواني في حضرموت بأمر آخر يرونه مناسب". تفسيرات مختلفة ومنذ اعلان البيان والغموض الذي اكتنفه بدأت تيارات سياسية تفسّر معنى الهبّة لصالحها، ففي حين يفسّرها أنصار الحراك المُطالب بانفصال الجنوب بأنها هبّة لتحرير جنوب الوطن عن شماله، وأنها ستشمل محافظات الجنوب الست، يدعو أنصار القبائل إلى أن الهبّة لتحقيق مطالب حضرموت فقط لا غير، بينا يرى آخرون أن الهبّة هي كفاح مسلح ينتهي بسيطرة أبناء المحافظة على مفاصل الدولة في حين لم تلق الأصوات المتّزنة المطالبة بتشكيل لجنة من عقلاء المحافظة تسيّر الهبّة قبولاً بين الشباب المنفعل. وأثارت هذه التفسيرات تخوف المواطنين في حضرموت، فبدأ البعض يخزّن من القوت ما يكفي لأشهر تحسباً لأي طارئ. وطالب شيخ الدّين أحمد المعلم بتشكيل قيادة حكيمة تلتزم مبدأ الشورى تسيّر الأمور حتى لا تُتاح فرصة لمن أسماهم "الانتهازيين" لركوب الموجة وحرف مسار القضية. رئيس الدائرة الإعلامية لحلف القبائل المشرف العام على الهبّة الشعبية كشف ل"ارم" عن لجان شُكِّلت لتسيير الهبّة في المدن والقرى، وأوضح أن آلية الهبّة ستكون عبر مظاهرات واعتصامات وعصيان مدني حتى تشل الحركة في المحافظة. وأضاف "هبتنا سليمة ونؤكد على سلميتها، لكن الدولة بدلاً من أن تستجيب لنا راحت تعزز قوات الجيش لحماية المؤسسات"، مشيراً إلى أنهم وجّهوا أئمة المساجد لتوعية الناس حتى لا تخرج الهبّة عن مسارها. من جهة أخرى، شكّل الحراك في مدينة المكلا منظومة أطلق عليها "الحراسات الليلية"، قال إنها لحفظ ممتلكات المواطنين أثناء الهبّة الشعبية. تحذيرات من الفوضى من جهته، قال الشيخ عادل بلحامض أحد مشايخ قبائل "نهد": "نؤيد مطالب القبائل، وأنا أحد الموقعين عليه، لكن عندنا تحفظ على مسألة الوقت، فعشرة أيام ليست كافية لإخراج معسكرات الجيش وإحلال قوات من المحافظة بدلاً عنها". وأشار إلى أن القضية والبيان سُيِّس من قبل أطراف قيادية في الحراك حضرت مؤتمر القبائل وركبت الموجة - حد قوله. وأضاف: "رغم كل ما حصل في حضرموت من قتل للضباط العسكريين والمدنيين بطائرات بدون طيار وبلغ السيل الزّبى بمقتل الزعيم القبلي بن حبريش إلا أن الدولة لم تبدِ حُسن نية ولو ببيان خلال أقل من 24 ساعة لتبدي للمواطنين في المحافظة نيّة صادقة لحل القضية". ونوّه في حديثه": "إذا لم تتحرّك الدولة وتلبِّي المطالب فأخشى أن يركب الموجة تيارات سياسية تسعى لنشر الفوضى ليصفوا لها الجو". وأوضح: "من السهل إشعال الفتنة لكن من الصعب إيقافها، وأخشى أن تكون حضرموت مسرحاً للاقتتال، وتُقام حرباً بالوكالة". وطالب بتحديد أسماء شخصيات تقود الهبّة حتى لا تستغلها أطراف سياسية لصالحها. وطالب النهدي الدولة بالتصرّف بحكمة مع الهبّة الشعبية حتى لا تثير ردة فعل سيّئة وتدخل المحافظة في فوضى عارمة. وتخوف بلحامض من عدم إمكانية السيطرة على الجماهير في حالة حدوث أي طارئ، مشيراً إلى أنه من الصعب اقناع الناس العامة بالمصالح المستقبلية، خصوصاً مع وجود من يشحن الشارع حالياً. وفي تطوّر لاحق، كشف حلف قبائل حضرموت في بلاغ صحفي بعث رسائل لكلٍ من الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لشؤون اليمن السيد جمال بنعمر والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي السيد عبد اللطيف الزياني وسفراء كلٍ من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدةالأمريكية وروسيا توضّح مطالب أبناء المحافظة وحيثيات مقتل الزعيم القبلي بن حبريش. ويتخوف مراقبون من اندلاع فوضى عارمة في المحافظة النفطية التي ترفد ميزانية الدولة بأكثر من 80 %، وخروجها عن السيطرة معناه تضرر موظفي الدولة، وبدء أزمة اقتصادية جديدة في بلد منهك بالأزمات أصلاً. المصدر