قرأتأمس خبرا عن واقعة شنيعة لها علاقة بضعف المثل العليا، أو القيم المستمدة منالدين، وثقافة المجتمع وأخلاقه، ومستمدة من الإنسانية.. أربعة أولاد قيدوا يديأبيهم ورجليه بالسلاسل، ووثقوه بالحبال إلى سريره، وضربوه، وحرموه من الأكلوالشراب، وسلبوا منه 30 ألف ريال سعودي، وذريعتهم أن الشيبة لم يزوجهم! وضعفالقيم أو التخلي عنها، لا تعكسه هذه الواقعة وحدها، فهي واحدة من وقائع مماثلةومشابهة كثيرة، لا نتجاوز الحد لو قلنا أنها أصبحت ظاهرة يمنية مقززة، تتمثل فيقتل أبناء لآبائهم وأمهاتهم، وقتل آباء وأمهات لأولدهم.. لقد كانت من قبل حوادثنادرة، وفي السنوات الأخيرة تزايدت، وتكاد تصبح ظاهرة عامة، وهذا مؤشر خطير على أنالمجتمع اليمني طرأت عليه طوارئ، ولا يقولن واحد أن هذه حالات شاذة، فهي ليستكذلك. وهذهالظاهرة تدل على أن القيم أو المثل العليا التي يكتسبها الناس من دينهم وثقافتهموأخلاقهم، ويتوارثونها جيلا بعد جيل، أصبحت عرضة للاهتزاز، وإلا كيف نفسر ما أقدمعليه أولئك الأولاد الأربعة، والحوادث المشابهة التي تسجل يوميا في مجتمعنا.. صحيحأن القيم تتغير، ويكتسب الإنسان قيما جديدة بحكم تأثره بثقافة وآراء أناس مختلفين،ولكن المثل العليا المكتسبة من الدين لا تتغير إلا إذا تغير موقف الإنسان مندينه.. فما الذي حدث يا ترى؟ أينذهبت التعاليم التي توجه للناس على مدار الساعة، ومن مختلف المنابر، عن طاعةالوالدين والإحسان لهما أحياء وأمواتا، وأين ذهبت التعاليم التي يتلقونها عنالرحمة بالأولاد وحسن تربيتهم، وأين ذهب تأثير الكتب الدينية المدرسية؟ وهذهالظاهرة مثل الدوامة، فهذا الذي يضرب أباه، ليس ولدا عاقا فحسب، بل لن يكون زوجاكريما، ولا أبا صالحا، وهذا الذي يقتل ابنه ليس مجرما شديد الجرم، بل هو أيضا قدوةسيئة. إنقيم الناس تتغير لأن سلوكهم وأراءهم لا تتولد من معتقداتهم وثقافتهم فقط، فهميحصلون على معارف من مصادر كثيرة ومختلفة، لكن لا يحدث تغييراً إلى الأسوأ، لأنهلا توجد ثقافة في العالم تهين الوالدين أو الأولاد، فما بالك بتعذيبهم أو قتلهم..في وصايا المسيح" أنت تعرف الوصايا.. أكرم والديك".. وفي اليهودية كذلك،بل أن البوذية التي يقول كثيرون أنها وثنية، تقول لا تقتل حيا.. أي حي.. فالله هووهاب الحياة للبشر وللكائنات، فبأي حق تسلبها الحياة الموهوبة من الله؟