كان سيبدو من الغريب، والخارج عن العادة، أن لا يُتهم المشاركون في فعالية (14/يناير)، بأنهم من أنصار النظام القديم، لا أزكي أحدا، ولكن هذه التهمة من الأعراض الطبيعية لفوبيا الثورة المضادة، سواء كانت هذه الثورة المضادة فعلية أو مفتعلة. كل ثورة هي بالضرورة مصابة بفوبيا الثورة المضادة هذه، أعراض وردود أفعال الثوار القدامى تجاه الثوار الجدد هي هي، من الثورة الفرنسية إلى ما أسمي بثورات الربيع العربي، الثوار الجدد -من منظور هذه الفوبيا- هم: "أنصار الملكية" كما في فرنسا، و"بقايا النظام" كما في اليمن، و"أزلام النظام" كما في ليبيا، و"بقايا التجمع" كما في تونس.. و"الفلول" كما في مصر.. الطوارئ المرتبكة وردود الأفعال المبالغ فيها للحكومة اليمنية تجاه فعالية (14 يناير) جسدت هذه الفوبيا بذعرها النموذجي الذي تجسد من قبل في تعامل إخوان مصر تجاه فعاليات حركة تمرد والأحزاب والحركات المعارضة التي جعلت من تاريخ (30/يونيو) بالنسبة للإخوان المسلمين يوم النحس والتاريخ المشئوم لتنحيتهم عن السلطة التي استولوا عليها بسهولة في سياق الحماس والضجيج والتشرذم الثوري. لقد نجحت الثورة المضادة في فرنسا ومصر، وفشلت في تونس وليبيا، نجاح الثورة المضادة لا يعيد النظام القديم، وحتى لو أعادت النظام القديم كما في فرنسا، لا تعيده بنفس طبيعته القديمة. وسواء نجحت الثورة المضادة أو فشلت، لا بد أن تترك أثرا إيجابيا أو سلبيا في الحياة السياسية، أما معايير النجاح والفشل، فقضية نسبية، خاصة في بلد مثل اليمن شهد سلسلة من السلطات والثورات المتعاقبة التي لا يمكن الحكم بفشلها أو نجاحها، بشكل موضوعي حاسم.!! طيوف الثورة المضادة تداهم أحلام المتطفلين على الثورة وتحيلها إلى كوابيس، أولئك الذين اتخذوا الثورة مطية لنزواتهم وأطماعهم، يعرفون جيدا أهمية أن يُسحب السلم الذي تسلقوا به إلى السلطة، وخطورة أن يُطاح بهم بالطريقة الثورية نفسها..