وسط كلِّ أخبار القوارح اليومية، يصبح خبر فوز الباحثة والعالمة اليمنية «مناهل ثابت» بجائزة دولية رفيعة ومنحها وسام «ابن سيناء»، باعتبارها من أكثر الباحثين تميزاً، وباعتبارها أيضاً أصغر باحثة عربية تنال درجتي الدكتوراه بتفوق في مجالات علمية نادرة كالهندسة المالية والرياضيات، فضلاً عن كونها أول عربية ترأس جمعية عالمية للذكاء النادر، ولدخولها قاموس العباقرة العالمي ممثلة لقارة آسيا. في مجتمع كباره مع صغاره منشغلون بحرب النجوم حقنا فإن خبراً- يثير الزهو- كهذا الذي جاءت به «مناهل» لا يبدو ذا أهمية، ويمكن لخبر على نحو: «مصرع الباحثة اليمنية مناهل ثابت في ظروف غامضة ببريطانيا»، أن ينتشر بسرعة البرق. على أن خبراً فجائعياً كهذا سيصبح متعة مقيل اليمنيين لأيام، ومن المحتمل أيضاً أن يصل خبر مصرع «العالمة» حتى إلى قبر جدتي، رحمها الله، وسنسمعها من قبرها تقول: وهي مو حاجة أبوها للدراسة!! وسنسمع آخرين- رجالاً ونساءً- يتحدثون عن مصرعها باعتباره خبراً يطلع للقات طعم، قلَّك جائزة قلَّك هدار فاضي. اليمنية «مناهل ثابت» دخلت- بأناقة وتميز- إلى قاموس العباقرة العالمي. وحقنا العباقرة الجالسين في صفوف الأمام أدخلونا في قاموس جحر الحمار العالمي. الله أكبر ولله الحمد، إحنا في اليمن لدينا عباقرة كثير ولا يمر يوم من دون أن يكون معنا عبقري «مُبحشم» و«مشحوط» يعمل لنا نثرة بعد نثرة، وإحنا مبسوطين ومنسجمين. أساساً إحنا أصبحنا شعب يصفق للنثرات وللخائبين ولقاطعي الطريق، والعبقري في قياسنا المحلي هو ذاك الذي يطرح غريمه أرضاً ويطلع إلى التلفاز ليتحدث عن السلام. وأهم من ذلك كله، اليمنية «مناهل» ترأس جمعية عالمية للذكاء. لكن الأغبياء- كعادتهم- يرفعون الحمير مكاناً علياً ولا يحتفون بالذكاء.! لم نعد نحتفي بأية أخبار جميلة ولا بأي إنجاز مهم، ولا بأية علامة ضوء تلمع وسط هذا الظلام الكثيف، لأننا أصبحنا شعباً بلا اهتمامات عصرية.. وبلا اهتمامات إنسانية، ويشترخ رأس اليمني لو سمع أن يمنياً آخر تفوَّق.