رؤوس اليمنيين أصبحت - تماما- مثل صحون الستالايت . كل واحد موجه رأسه على جهة معينة وما تقوله هذه الجهة هو الصح .. وما تعارضه تلك الجهة هو الخطأ . رؤوس مضبوطة وموجهة على التردد الإصلاحي، وؤوس مضبوطة وموجهة على التردد "الحوثي"، ورؤوس موجهة ومضبوطة على تردد "الزعيم"، ورؤوس أخرى مضبوطة وموجهة على تردد "محسن"، ورؤوس غيرها مضبوطة وموجهة على تردد "هادي"، وهات يا عصيد فوق رؤوس الناس . في الشارع والمقيل والفيس بوك والمساجد لم نعد نشاهد الناس كما كنا نعرفهم من قبل.. بل صرنا نشاهد رؤوسا تحولت إلى مجرد "صحون ستالايت" تبث ما قالته الجماعة اللي هو مقتنع أنها الحق. وفي المقيل –أيضا- تتحول رؤوس الجالسين إلى مجرد "صحون ستالايت" تبث الهدار والمواقف كلها من وجهة نظر واحدة، وهات يا مكارحة ووجع دماغ!. حتى على مستوى البيت الواحد، أصبح مع لكل واحد "أريل" خاص به.. كما أن رأس كل واحد في الأسرة الواحدة لم يعد رأس آدمي كما يفترض به، بل أصبح مجرد "صحن لاقط" حتى ليبدو منظر البيت الواحد مثل منظر عمارة كبيرة كل واحد مخرج حقه الستالايت من البلكونة ورأسه وهات يا جعيييث. وفي البلاد كلها ما عد فيش حقيقة واحدة يتلقاها الإنسان هنا باعتبارها حقيقة، بل كل ما يصلنا من تلك الترددات الخبيثة- حتى وإن كان فيها حقائق- إلا أنها لا تصل إلينا بوصفها حقائق، بل باتت تصل إلينا بوصفها خصومة وأحقاداً!. على أن الحقيقة الوحيدة التي بات أغلبنا يصدقها ويعايشها كحقيقة مش كخصومة وخبر فاضي، هي أننا – كشعب– تعرضنا، ونتعرض -منذ ثورة 11 فبراير 2011 وحتى اللحظة- لأكبر عملية تشويش في العصر. وعشان كذا ما عد أحد يصدق حد، ولا عد في عند الناس ثقة بحد. ربشونا الله يربشهم ...! لكن المشكلة اللي تفطر القلب من صدق هي أننا شعب مسكين وفيه شجن "العجاوز" ويشتي يعرف كل ما يدور، لا ليستفيد من الصح ويكف عن الخطأ، ويعيش مثلما يعيشوا خلق الله، وإنما يشتي يعرف -بس- عشان يلاقي له مجبر يطعم به القات ...! لدينا في اليمن عموما أطراف صراع وضيعين و-جميعهم- في منتهى الملعانة ويتصرفون معنا لكأنهم أشتروا حصريا حقوق اللف والدوران على الشعب اليمني. كل واحد منهم معه خبر.. وكل جماعة معاها مجبر ثاني .. والواضح عيانا أن لدى كل هؤلاء الملاعين قنوات وألسن إعلامية تعمل –جاهدة- كأجهزة تشويش مهمتها الأساسية العمل على إرباك ذهن المتلقي اليمني وجعله يعيش -هكذا- تائها مش عارف من هو اللي صادق ومن هو اللي كذاب، ومش عارف فين رأسه من أرجله. عشان كذا الستالايت حرام من صدق .