أكدت مصادر مطلعة أن البنوك المحلية هددت بتقليص مشترياتها من أذون الخزانة والصكوك الإسلامية والتي يعتمد عليها البنك المركزي اليمني كثيرا في دعم موازنة الدولة، ما يضع الحكومة في مأزق لم يسبق من قبل، وخصوصا مع تراجع الموارد وترهل الاقتصاد. وتأتي مطالب البنوك برفع أسعار الفائدة مع معرفتها بأن الحكومة لم تجد بديلاً سوى الرضوخ لمطالبهم، خصوصا وأنه لا توجد بدائل أخرى لتمويل الموازنة بعد أن اعتمدت على الدين الداخلي كمصدر رئيسي لتغطيه العجز المالي. وتتذمر البنوك الإسلامية من إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة الطويلة الأجل والمنخفضة والتي تصل إلى خمس سنوات. وكان خبير الاقتصاد الوطني الدكتور سيف العسلي حذر في حديث سابق ل"اليمن اليوم" من استمرار طباعه البنك المركزي للعملة الوطنية ما سيؤدّي إلى ارتفاع التضخّم ويجعل من لديهم استثمارات في أذون الخزانة يطالبون برفع أسعار الفائدة أو أنهم لن يشتروا أذون خزانة جديدة، مما سيجبر الدولة على طبع نقود جديدة لتسديد ديونها السابقة، وهذا ما حدث بالفعل الآن. البنوك التجارية والإسلامية أعلنوا قطع مواصلة تعاملهم لشراء أذون الخزانة والصكوك الإسلامية إذا لم يتخذ البنك المركزي اليمني محفزاته لتنشيط إجراءاته لمشتريات سندات أذون الخزانة والصكوك الإسلامية. وذكر تقرير صادر عن البنك المركزي اليمني أن البنك قد يعاني خلال الفترة القادمة من تراجع الشراء لسندات أذون الخزانة والصكوك الإسلامية بسبب إبقاء البنك على أسعار الفائدة الطويلة الأجل والمنخفضة. وكانت عدد من البنوك التجارية اليمنية ممن يتعاملون بسندات أذون الخزانة قد طالبوا البنك المركزي اليمني باتخاذ إجراءات جديدة فيما يخص تحفيز نشاط التعامل بسندات أذون الخزانة والصكوك الإسلامية إلا أن البنك المركزي لم يقم باستحداثات جديده بالنسبة لإجراءاته الخاصة بالنشاط الاقتصادي لسندات أذون الخزانة والصكوك الإسلامية. وقال خبراء اقتصاديون إن البنك المركزي اليمني سوف يواجه مشكلة اقتصادية في حالة قيام البنوك التجارية بتنفيذ مقاطعتهم للتعامل بأذون الخزانة ما لم تكن هناك برامج للتحفيز النقدي، وذلك بعد إخطارهم للبنك المركزي اليمني بذلك. وأكد الخبراء الاقتصاديون أن البنك المركزي اليمني قد وجه بالفعل تراجعا مؤثرا بالنسبة للإقبال على شراء أذون الخزانة وبسبب عدم قيام البنك المركزي بتحفيز الإجراءات الخاصة لمشترياته لسندات أذون الخزانة والصكوك الإسلامية وتعمده الإبقاء على أسعار الفائدة طويلة الأجل منخفضة، وعدم وجود تحفيز لنشاطاته الاقتصادية. ويأتي هذه المأزق الصعب للحكومة في ظل اتباعها سياسة مالية تقليدية في الحد من العجز العام للموازنة العامة للدولة المقدر وفق بياناتها المالية للعام الحالي 646 مليار ريال، ما يعادل 3 مليارات دولار، عبر أذون الخزانة التي بلغت فوائدها المالية السنوية للعام الجاري 415 مليار ريال، ويتوقع مراقبون اقتصاديون ارتفاع الدين العام الداخلي والخارجي إلى خمسة تريليونات ريال أواخر العام الحالي. ويرجع اقتصاديون ارتفاع المديونية العامة الداخلية إلى قرابة الثلاثة تريليونات ريال إلى الأسعار المرتفعة للفائدة على الدين المحلي والتي لا تزال مرتفعة على الرغم من تخفيضها العام الماضي من 24 إلى 20% إلى 18إلى 16 % وهو ما أكده محافظ البنك المركزي محمد عوض بن همام في مقابلة صحفية نشرتها صحيفة الثورة منتصف الأسبوع الماضي والذي أفاد بأن المستوى الحالي لأسعار الفائدة يظل مرتفعا، مشيرا إلى أن البنك المركزي في مراقبة تطورات، وسيقوم البنك بإعادة النظر في سياسة سعر الفائدة عندما تكون الظروف مناسبة لذلك. وبينما يبرر الجانب الحكومي الاستمرار في الدين العام المحلي عبر آلية أذون الخزانة لاستخدامه في تمويل الإنفاق الاستثماري للحكومة ويعتبر توقف إصدارات أذون الخزانة سيؤدي إلى توقف التمويل المحلي والإنفاق الاستثماري، إلا أن الحقيقة تفيد بأن معظم إصدارات أذون الخزانة يتم توجيهها لتغطية الإنفاق الجاري. وينتقد اقتصاديون استمرار وزارة المالية والبنك المركزي اليمني باتباع سياسة أذون الخزانة كونها فقدت أهدافها وأصبح الاستمرار فيها كارثيا في ظل ارتفاع معدل الفائدة على أذون الخزانة والذي شكل عامل جذب كبيراً للمستثمرين بما فيهم البنوك والمؤسسات التي تشترك بنسبة 85% من إجمالي إصدارات أذون الخزانة وهو ما تسبب بإفراغ دور البنوك التجارية والخاصة من دورها التنموي، وعوضا عن قيام البنك المركزي بسحب فائض السيولة من خارج البنوك وتوظيفها في صالح التنمية وجهت البنوك معظم ودائعها للاستثمار في أذون الخزانة. وتشكل إصدارات أذون الخزانة أكثر من 96% من إجمالي الدين العام الداخلي حيث ارتفعت قيمتها من 647 مليار ريال نهاية العام 2010 إلى قرابة ال800 مليار ريال في نهاية 2013م.