لا فرق بين الجماعة التي رفعت شعار "الإسلام هو الحل" وبين الجماعة التي أطلقت على نفسها تسمية "أنصار الله"... وذلك لأن كلاً من هاتين الجماعتين تعيشان خارج العصر وتسيران خارج التاريخ. جماعات تظن بأن الشعب قطعة أرض بإمكانها أن تغتصبها وترفع عليها الرية التي تريد...لا فرق بين جماعة تحتكر المساجد والمعرفة الدينية وبين جماعة تحتكر السلطة وتحرمها على العامة. كما خسرت وما زالت تخسر جماعة "الإسلام هو الحل" في أكثر من دولة عربية ستخسر جماعة "أنصار الله" في معظم المدن والقرى اليمنية وبوقت أسرع لعدة أسباب أهمها أن الشعب اليمني أصبح عاجزاً بكل ما للكلمة من معنى عن الالتفات إلى الوراء فما بالكم بالعودة إلى الماضي عدة قرون "وعلى نخس واحد"! ستخسر لأنها -وإن انتصرت على قوى فاسدة- لن تنتصر أبداً على شعب طاهر آمن بالله وكتبه ورسله دون أن يخسر قطرة دم واحدة، ولا أعتقد بأن الله بحاجة لإعادة النظر في إسلام عامة اليمنيين بقدر ما نحن بحاجة إليه أن يعيد النظر بالجدوى من وجود هذه القوى من أحزاب وجماعات في البلدة التي وصفها بالطيبة على حساب الأجيال التي وصفها خاتم الأنبياء والمرسلين بال(أرق قلوباً) وال(ألين أفئدة). بالأمس قامت الأخيرة باختطاف فنان من وسط أحد الأعراس في مدينة عمران ولم تطلق سراحه إلا بعد أن كتب على نفسه تعهداً باعتزال الفن....! هل الجماعة بحاجة للسير على خطى الجماعة التي تحتضر على مرأى ومسمع؟ هل هذا هو المشروع الوحيد الذي يمكن لها أن تقدمه، وهل كلّفتهم السماء حقاً بتحويل هذا الشعب "العصي عن التحويل والتقزيم" إلى مجرد جماعة؟! هل رُفعت الأقلام وجفت الصحف عند مصطلح "جماعة" حتى يحاولون إقناع البشرية بأن "الجماعة" أكبر من "الشعب" وأكثر من الشعوب مجتمعة؟! أتعرفون لماذا صار الشعب شعباً؟ لأنه يمثل كل هذه الجماعات الفكرية والفنية والسياسية والاجتماعية والعلمية والمدنية والقروية وغيرها... بل ويمثل أكثر من عقيدة وطائفة! هل تنوون فعلاً تحويل الشعب إلى جماعة صغيرة تمارس وتؤمن بأجزاء صغيرة جداً من الدين؟! دعوا الله والإسلام جانباً يا هؤلاء...فوالله لو أردتم أن تخدموا الشعب اليمني لنصركم الله في اختيار اسم على الأقل، ولو أردتم حقاً أن تتعايشوا مع كل أطياف وطبقات المجتمع لمدتكم السماء بما هو أنفع من السلاح ولما قاتلتم وقوتلتم على كل خطوة تسيرون بها! كان ومازال بإمكانكم أن تسموا أنفسكم بما هو معروف لدى الناس من خيرات صعدة، كونوا ثمرة من الثمار التي يتسابق عليها عامة الشعب من "تفاح ورمان وبرتقال" كي يطمئن الشعب ويحبكم ويبحث عنكم في الأسواق والمزارع بدلاً من أن تبحثوا عنه في المدن والقرى والجبال! الشعب اليمني لا ينتظر من يضيف إلى قائمة الممنوعات والمحرمات لديه عشرات الفتاوى الشعب بحاجة ماسة لجماعة تبني وجماعة تقرأ وجماعة تتأمل وجماعة تُعلِّم وجماعة ترسم وجماعة ترقص وجماعة تخترع وتبتكر وجماعة تصلي وجماعة تحرس وجماعة تزرع و....و....إلخ، ننتظر جماعة تضيف للمجتمع اليمني تنوعاً أكثر مما لديه كي يلحق بآخر شعوب العالم التي أدركت معنى وكيفية الحياة. الشعب بحاجة إلى مُخلِّص يحارب الفساد وينهى عن الجهل ويحرّم التخلف، لا جماعة تحرّم الفن وتحرم الفكر وتعطل العقل وتقضي على بقية الأنواع النادرة من الإنسان اليمني. تخدعون أنفسكم إذا ظننتم أن الشعب سيتقزم إلى أن يصير جماعة تقاتل الفراغ من أجل اللا شيء، مخطئون إذا اعتقدتم بأن "السلاح هو الحل" فقط، مخطئون إذا لم ترفعوا السلاح دفاعاً عن الآخرين الذين وإن كفروا بالله يجب عليكم أن تتعايشوا معهم ناهيكم عن الاختلاف في بعض من أمور العبادة. آخر "لا" بحوزتي سأقولها لآخر جماعة تستخدم الدين كقفازات لممارسة العمل السياسي وتجعل من الله رباً غفوراً رحيماً لها فقط وعدواً لدوداً شديد العقاب لبقية الناس...فسبحانه وتعالى عمَّا يعتقدون.