تصاعدت حدة المواجهات أمس في العاصمة صنعاء بالسلاح الثقيل وتحليق مكثف للطيران الحربي، وتمددت من الأحياء الشمالية الغربية جهة العمق مخلفة قتلى وجرحى ونزوح جماعي للأسر وعمليات خطف من قبل الطرفين الإخوان (الإصلاح) والحوثيين، فيما رصدت المخابرات وشهود عيان توزيعا مكثفا للأسلحة في أحياء أخرى للعاصمة وتخزينها في المنازل من قبل الطرفين، ما ينذر بتوسع الحرب التي أحدثت حتى اللحظة تقدماً ميدانياً للحوثيين وانقساماً في صفوف حزب الإصلاح. وفي سياق المفاوضات عاد أمس من صعدة المبعوث الأممي جمال بنعمر ومن معه في لجنة المفاوضات باتفاق مبدئي على حوار يفضي إلى حل للأزمة مشروط بإشراك جماعة الحوثي في صنع القرار وتوقيع حزب الإصلاح (الإخوان) وتحالفاته القبلية والدينية والعسكرية على ذلك. المواجهات التي قادها أمس اللواء علي محسن الأحمر بنفسه من مكتبه السابق في الفرقة الأولى مدرع (المنحلة) جاءت تواصلاً لمواجهات الخميس في شارع الثلاثين والحارات والأحياء المحيطة بجامعة الإيمان التابعة للقيادي في حزب الإصلاح عبدالمجيد الزنداني، وتحديداً في وادي البلس ووادي العميري، وحارة الطيارين، وحارة الخانق وحارة السلام وحارة الكرامة، وحارة الأنصار، وحارة وادي الأعناب، وبيت عسكر زعيل وتبة (الدبا) المطلة على سوق علي محسن.. وجولة عمران وجوار التلفزيون. وقال ل"اليمن اليوم" شهود عيان ومصادر أمنية إن الحوثيين سيطروا ظهر أمس على تبة (الدبا) المطلة على سوق علي محسن واستولوا على طقمين برشاشاتهما ومصفحة وكمية من الذخائر ومقتل عدد من الجنود المتمركزين فيها وانسحاب البقية، كما سيطروا على الحي السكني المحيط بالتبة، وعززوا من تواجدهم على طول شارع الستين الشمالي وجولة عمران. وفي الساعات الأولى من المساء تمكنوا من السيطرة على حارة الليل وطوقوا من جهة مذبح على (تبة) علي محسن الموجود فيها أحد منازله والمطل على جامعتي صنعاء والعلوم والتكنولوجيا، وحاول الحوثيون اقتحام التبة إلا أن قوات الفرقة قصفت بكثافة وحالت دون ذلك.. وفي وقت متأخر من المساء عاود الحوثيين هجومهم على التبة، ولا تزال المحاولة مستمرة حتى اللحظة (منتصف الليل). كما تمركز الحوثيون في منزل مطل على البوابة الشمالية لمقر الفرقة الأولى مدرع (المنحلة) وأطلقوا منه عدة قذائف إلى داخل الفرقة التي سارعت قواتها بقصف البناية وتدميرها بالمدفعية والدبابات، كما قصفت الحوثيين في شارع الثلاثين والستين الشمالي طوال ساعات النهار والليل، ولكن دون جدوى بفعل احتماء الحوثيين بالعمارات السكنية، ولأنه لا يوجد هدف ثابت للقصف، بحسب مصدر قيادي في الفرقة، وفي الساعة (11) ليلاً تمكن الحوثيون من السيطرة على أكثر من 50 منزلاً كان يتمركز فيها الإصلاح بالقرب من الفرقة وسوق علي محسن والفلل المطلة على السوق وكلية الطب وجامعة باسندوة والبيوت المجاورة لجامعة باسندوة، وهناك قتلى وجرحى وأسرى منهم لدى أنصار الله، وهم يقومون بقصف مقر الفرقة حالياً. وفي حارة السنينة سقطت 3 قذائف في الصباح إحداها بالقرب من منزل وزير الشؤون القانونية والثانية بالقرب من مدرسة الرسالة والثالثة بالقرب من منزل مناع دون وقوع أية إصابات. وقال مصدر أمني للصحيفة إن اشتباكات مستمرة بشكل متقطع بين مسلحين حوثيين ومسلحين من حزب الإصلاح يتواجدون في فيللا سكنية على مدخل مدرسة الرسالة التي تطل على مرتفع يشرف مباشرة على كلية الطيران والدفاع الجوي ويمكن من خلالها مشاهدة شارعي الستين والرباط وجامعة صنعاء ، وكان مسلحو حزب الإصلاح قد قاموا صباح الجمعة بإخراج الحارس الخاص بمدرسة الرسالة وأغلقوا المدرسة بالسلاسل والأقفال وفرضوا حراسة مسلحة عليها بعد يوم من إخراج الطالبات من المدرسة بحجة أن المسلحين الحوثيين يخططون لتفجير المدرسة . وأوضح المصدر أن عسكريا مقربا من اللواء علي محسن الأحمر فر من عمران بعد سقوط اللواء 310 مدرع يشرف على المسلحين التابعين لحزب الإصلاح داخل تلك الفيللا وقام خلال الأيام الماضية بتشكيل لجان شعبية من حزب الإصلاح وتسليحهم . واستمر أمس في ساعات الصباح والنهار القصف المتبادل بين قوات الجيش المتمركزة في مبنى التلفزيون والحوثيين، ما أسفر عن توقف البث في الفضائية اليمنية وقناة سبأ وقناة الإيمان عدة دقائق. وقال مصدر في التلفزيون ل"اليمن اليوم" إن قذيفة أطلقها الحوثيون سقطت على محول الكهرباء الخاص بالقناة ما أدى إلى انقطاع البث لبعض الوقت. وبخصوص جامعة الإيمان التي تقول مصادر مقربة من اللواء علي محسن الأحمر بأنها أهم الأهداف الرئيسة لما يسمونهم (الروافض)، قالت ذات المصادر في اتصال أجرته معها "اليمن اليوم" إن الحوثيين على متن 15 طقماً اقتحموا كلية الطب وحارة السلام وحاولوا اقتحام جامعة الإيمان من البوابة الجنوبية الغربية في الساعات الأولى من فجر أمس. وأضافت أن الحوثيين حاولوا التوغل واقتحام جامعة الإيمان من بوابتها الجنوبية الغربية، غير أنه تم التصدي لهم بكمين أجبرهم على التراجع. وفي سياق جامعة الإيمان قال ل"اليمن اليوم" مصدر قيادي في جماعة الحوثي إن لقاءً جمع أمس الأول مندوبين من جماعته ومندوبين من قبل عبدالمجيد الزنداني (المالك للجامعة) وأبلغوه أنهم لن يستهدفوا جامعته إلا في حال تمركز فيها (الدواعش) وهاجموا من خلالها (أنصار الله). وعصر أمس قصف الحوثيون بعدة قذائف مدفعية إلى داخل الجامعة، ولم تتمكن الصحيفة من معرفة الأضرار، وعزا مصدر قيادي حوثي قصف جامعة الإيمان إلى عودة اللواء علي محسن لقيادة الحرب من مكتبه في الفرقة، وتمركز مسلحين بلباس مدني ملثمين داخل الجامعة وفي محيطها بمختلف أنواع الأسلحة. وفي التاسعة مساء تحركت دبابتان من مقر الفرقة سابقاً ودخلت جامعة الإيمان، فيما اتجهت قاطرة تحمل دبابة تتقدمها سيارة سوزوكي وخلفها طقم عسكري إلى منزل اللواء علي محسن الأحمر في حدة، وفقاً لمصدر "اليمن اليوم" في الفرقة. وفي حين قالت وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح (الإخوان) إن الحوثيين حاولوا اقتحام مبنى التلفزيون نفى الناطق الرسمي لجماعة الحوثي ذلك. وقال ناطق الحوثي في منشور على صفحته بالفيسبوك إن ما حصل هو نتيجة القصف الذي قام به اللواء المرابط في التباب المجاورة للمبنى على منطقة الجراف ومناطق أخرى. وخاطب الإعلاميين بقوله: "إننا نحترم رأيهم ولا نخشى الرأي الآخر"، مشيرا إلى أنهم يأخذون على قناة اليمن الرسمية ما وصفه ب"عدم حياديتها في التعاطي مع القضايا الموجودة على الساحة اليمنية" حيث باتت تعبر عن مواقف حزبية تتبنى صراعا عسكريا واضحا في أكثر من محافظة في البلد. وفيما يشير إلى انقسام كبير في صفوف حزب الإصلاح قال ذات المصدر وهو عضو في المكتب السياسي لأنصار الله (الحوثيين) إن أمين عام حزب الإصلاح عبدالوهاب الآنسي وعضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد قحطان أبلغا جماعته الخميس بأن حزبهم لن يحارب دفاعاً عن جامعة الإيمان واللواء علي محسن الأحمر. يأتي هذا الموقف فيما يتبنى آخرون من قيادات الإصلاح التعبئة للحرب، وأعلن عضو الكتلة البرلمانية للإصلاح محمد الحزمي الخميس، بعد الحرب المذهبية.. داعياً أنصار (السنة) إلى تشمير السواعد. وفي السياق أكد ل"اليمن اليوم" مصدر قبلي مقرب من اللواء علي محسن الأحمر أن الأمانة العامة لحزب الإصلاح أبلغت المكتب السياسي لجماعة الحوثي بأن الإصلاح لن يشارك في الحرب دفاعاً عن الفرقة وجامعة الإيمان، وأنه ليس طرفاً في هذه الحرب. وقال ذات المصدر، دون الكشف عن اسمه، إن قيادة الإصلاح سحبت أمس الأول مقاتلي الحزب الذين كانوا قد حضروا للمشاركة في الحرب، مشيراً إلى أن المسلحين المدنيين الذي تم نشرهم في شملان وجولة عمران وفي محيط جامعة الإيمان هم من تنظيم القاعدة وأن 90 % منهم من أبناء المحافظات الجنوبية. وأشاد المصدر ب(بطولة أبناء الجنوب في التصدي للرافضة) معيباً على أبناء المحافظات الشمالية بقوله "أما أصحابنا للأسف مخورجين". الطيران يقصف مخزن سلاح وفي سياق الحرب شن الطيران الحربي عدة غارات صباحا استهدفت مواقع للحوثيين في شارع الثلاثين من جهة شملان، وعصراً استهدف الطيران مواقع للحوثيين في منطقة صرف جوار كلية المجتمع شمال شرق العاصمة. وقالت مصادر أمنية ل"اليمن اليوم" إن الحوثيين في صرف شنوا هجوماً على موقع عسكري هناك وتدخل الطيران الحربي لإنقاذه، يذكر أن الحوثيين قد فرضوا سيطرتهم بشكل كبير على المدخل الشمالي الشرقي للعاصمة بعد سيطرتهم مساء الخميس على النقاط العسكرية خلف مطار صنعاء بدون مواجهات.