بقليل من الجهد، وبكثير من الحكمة والثقة بالنفس، وبخفة ولياقة لاعب محترف ماهر، استطاع "علي عبدالله صالح" تسجيل أهدافه السياسية في مرمى خصومه من مختلف مربعات وزوايا الملعب السياسي اليمني الشائك والمعقد. ورغم أن خصومه عايشوه كثيرا، وخبروا قواعد لعبه، وطريقته في مواجهة الخصوم ومراوغتهم، إلا أنهم تسمّروا تحت سطوة خوفهم من بقائه حياً يتنفس، وسيطرت عليهم رغبتهم الجارفة باجتثاثه بأي طريقة وبأي وسيلة مهما كانت قذرة ومنحطة وسافلة.. بدءاً من جريمة النهدين، حتى نفق شارع صخر، مرورا بالاتكاء على البند السابع، ولجنة العقوبات الدولية.. وكلما أخفقوا في التخلص منه، وتصفيته جسديا، أو تحجيمه من خلال التهديد بعصا المجتمع الدولي، عاودوا صراخهم المبتذل والمسف بالمطالبة بإقصائه من قيادة المؤتمر الشعبي العام، ليتسنى لهم اختراق المؤتمر من جديد، وتوزيعه حصصا وأنصبة، ليختموا به مهرجان التقاسم والمحاصصة التي انتهجتها ترويكة المشترك، ومن في حكمهم إزاء مؤسسات الدولة ومقدرات الوطن. إنهم، بغبائهم السياسي، مأخوذون بما ترسخ لديهم من قناعات غير حصيفة، وبتصوراتهم الغبية التي كثيرا ما زينت لهم أن المؤتمر مجرّد كيان ديكوري سيتهاوى ويتحول إلى حطام بمجرد خروجه من السلطة، وباستطاعتهم تقاسمه؛ لأنه، وحسب تصورهم، لا يمتلك الأيديولوجية التي تمنحه أسباب الديمومة وزاد الاستمرار، ولا يتمتع بالبنية التنظيمية الصارمة التي توحد صفوفه وتحميه من السقوط.! وعندما وجدوا أن لا ذلك أمكن، ولا ذاك تحقق، ليس هذا فقط، بل الضربات المتلاحقة والقاصمة التي تنهال على رؤوسهم من كل حدب وصوب، وفقدوا قدرتهم على الاحتفاظ بالمغانم السلطوية التي حازوها كثمرة لفوضى 2011م، وبدأت تنكمش رقعة وجودهم السياسي ونفوذهم، فيما "عفاش" يزداد تجذرا في الوسط الشعبي، ويجتاز كثيرا من منعطفات إثبات الوجود بقدرة فائقة ونجاح لا يقارن، والمؤتمر الشعبي العام تتسع خارطة وجوده السياسي وتتعاظم مساحات شعبيته.. لم يجدوا غير سؤال واحد لا شريك له: -لماذا الحوثي لم يتعرض لعفاش، وهو الذي خاض ست حروب ضده؟! ثم يردفون سؤالهم بنصيحة تعكس ضحالة قراءتهم لمجرى الأحداث الراهنة، مفادها: إن صالح لن ينجو من الحوثي وهو الهدف المؤجل. كل ذلك وصالح يصنع أسباب وعوامل تعافيه السياسي، ومن خيمته يضاعف شعبيته، وهم يخسرون ويتساقطون بحدة لم تكن متوقعة.