ودمِّر أعداءكَ أعداء الدين .. هذه العبارة نسمعهادائماً في ختام خطبة الجمعة كما لو أنها لازمة من لوازم الدعاء، وكما لو أن الدعاءلا بد أن ينتهي بطلب الويل والثبور لكلِّ من لا يدين بديننا. وأتساءل كلما سمعت هذا الدعاء: من هم أعداء الدين !! هل هم الذين ينتجون ويخدمون البشرية أم أنهم العالةالذين يستهلكون فقط!! هل هم الذين يصنعون الأمصال ولقاحات شلل الأطفالويتبرَّعون بها لأطفالنا لتجنيبهم الإعاقة.. أم الذين ينتهكون حقوق الطفولةويضربون أطفالهم بوحشية ويتسببَّون لهم بعاهات مزمنة تضطرهم إلى استخدام العكَّاز!! هل أعداء الدين هم الذين يزرعون القمح الأمريكي الذينأكله على موائدنا كلَّ يوم.. وندعو عليهم دون أن يقطَع فينا العيش والملح الذي هومن خير أيديهم!! هل أعداء الدين هم الذين يقدمون لنا ملايين الدولارات –سنوياً - لدعم الصحة والتعليم، أم أن أعداء الدين هم الذين يأكلون هذه الملايينويمشون بنا في طريق المرض والأمية !! أم أنهم الصينيون الذين هم خير أمة أخرجت للناس بماينتجونه، وأصبح العالم كله مديناً لهم بمنتجاتهم التي تغطِّي كلَّ القارات!! هل أعداء الدين هم الذين يعتقد بعض الحمقى أن الله خلقهملخدمتنا ونحن خلقنا لعبادته فقط دون أن ننتج شيئاً ينفع الناس !! اليهود والنصارى لا يدعون علينا في معابدهم وكنائسهم كمانفعل نحن!! بالتأكيد لا يفعلون ذلك، ولا يخافون من انتشار الإسلام في بلدانهملأنهم يسمحون للمسلمين ببناء المساجد ويقومون بدعمها أيضاً.. رغم أننا لم نفعل ولننسمح ببناء كنيسة أو معبد، لأننا لا نعرف التسامح والقبول بالآخر ولا نعترف بفكرهومعتقده. ولستُ أدعو هنا إلى بناء المعابد والكنائس، رغم أنالإسلام كفِل لكلِّ إنسان حرية التفكير والمعتقد.. أعداء الدين هم من يسيئون إلى جوهر هذا الدين بتصرفاتهموبفهمهم المغلوط لمقاصده.. وينفِّرون الناس من هذا الدين بالنظر إليه على أنه لايحوي سوى الإرهاب والقتل.. أعداء الدين هم من يصنعون الأحزمة الناسفة ويفجِّرونالأبرياء ويقلقون السكينة العامة وليسوا من يخدمون البشرية ويصنعون الدواءوالغذاء. لنتساءل: لو أن الله أخذ أمريكا أخذ عزيز مقتدر، من أينسنأتي بالقمح لنأكل خبزاً !! هل نحن مكتفون ذاتياً باعتمادنا على أنفسنا أم أننالا نزال عالة على الشعوب المنتجة !! ويبقى سؤال أشبه بغُصَّة كبيرة: هل قدَّم العرب والمسلمون منجزاً بسيطاً يساوي ما قدَّمهأديسون، مخترع المصباح الكهربائي الذي أضاء للبشرية !!