رفعت جماعة أنصار الله (الحوثيين)، أمس، شارة البدء لأزمة ومعركة فاصلة بينها من جهة، والحكومة والرئاسة وحزب الإصلاح من جهة، فيما قضت اللجنة الرئاسية في مأرب يومها الرابع دونما جدوى، حيث يتمسك قادة الإصلاح (الإخوان) بموقفهم الرافض تسليم أسلحة الجيش المنهوبة ورفع مسلحيهم ومقاتلي القاعدة المعسكرين في السحيل ونخلا ومفرق هيلان ومناطق أخرى في مأرب وأطراف الجوف، بما ينذر بحتمية المعركة. شارة البدء رفعها مستشار رئيس الجمهورية من أنصار الله، صالح الصماد الذي أعلن تواريه والابتعاد عن المشهد السياسي محملاً الطرف الآخر -الحكومة والرئاسة- مسئولية تداعيات "التصعيد الثوري مجدداً" والذي ألمح إلى حتميته. واتهم الصماد الحكومة والرئاسة بمحاولة الالتفاف على جماعته أو ما أسماها "ثورة 21 سبتمبر" وذلك من خلال رفض الشراكة، مشيراً إلى أنه بذل جهوداً مضنية في الفترة الماضية، محاولاً إقناع الثوّار بضرورة غض الطرف أمام التجاوزات من جهة وتقديم النصح للرئيس والحكومة بضرورة طمأنة الثوار بخطوات ميدانية تعزز الثقة بأن هناك توجه جاد لبناء الدولة ومحاربة الفساد والقضاء على الاستبداد السياسي من خلال الشراكة في أجهزة الدولة. وأضاف الصماد في منشور له على صفحته في "الفيسبوك" إنه لن يتدخل بعد اليوم في حل أي إشكال يتعلق بفرض الشراكة ومنعها "فقد بذلت كل ما بوسعي لتلافي أن تصل الأمور إلى هذا الوضع ولكن دون جدوى"، مختتماً بالقول: "وستذكرون ما أقول لكم". 4 قضايا وفي السياق حدد عضو في المجلس السياسي لأنصار الله، أربع قضايا رئيسة تقف وراء تأزم المشهد أو التصعيد الثوري التي تعتزم جماعته القيام به. وقال علي العماد في تصريح ل"اليمن اليوم": هناك أربعة ملفات تتهرب الحكومة من إنجازها؛ ملف مكافحة الفساد، ملف مكافحة الجماعات المتطرفة والقاعدة، ملف مأرب، ملف الشراكة في السلطة التي حددها اتفاق السلم والشراكة. موضحاً بأن الإرادة السياسية لدى الحكومة تمضي نحو الاستمرار في الفساد والقفز على اتفاق السلم والشراكة والتنكر ل"ثوار 21 سبتمبر"، واستغلال الجماعات الإرهابية في خلق فوضى منظمة وبعناوين مختلفة. وأشار العماد إلى مأرب والتي تشهد استعدادات مكثفة من قبل جماعته من جهة، والإصلاح والقاعدة من جهة أخرى لحرب تبرز حتميتها يوماً بعد آخر، قائلاً بأن الإصلاح يريد من خلال مأرب الضغط للعودة إلى المشهد السياسي مستخدماً القاعدة كورقة في صراعاته السياسية وعلى المدى البعيد. واتهم الإصلاح بأنه وراء الأعمال التخريبية التي تستهدف أبراج الكهرباء وأنابيب النفط قائلاً: "تصريحات قيادات الإصلاح في مأرب بأنهم سيحرقون المنشآت النفطية والكهرباء في حال قامت الدولة بفرض تواجدها في المحافظة لا معنى لها –تلك التصريحات- سوى أنهم بالفعل هم من يقومون بالأعمال التخريبية وليس الآخرين الذين طالما وجهوا الاتهامات نحوهم". أسرار لم تنشر إلى ذلك كشف قيادي في جماعة أنصار الله "الحوثيين" أسراراً لم تنشر عن لقاء جمع زعيم جماعته عبدالملك الحوثي ومستشاري الرئيس عبدربه منصور هادي مؤخراً في صعدة.. متهماً إياهم بالتهرب من التوقيع على المحضر والتنصل مما تم الاتفاق عليه. وقال عضو المجلس السياسي للجماعة علي البخيتي والذي كان حاضراً الاجتماع إنه تم الاتفاق على كل النقاط الخلافية تقريباً ومنها مسألة الشراكة الوطنية واستيعاب المكونات التي كانت خارج الدولة في كل المؤسسات والأجهزة الرسمية بما فيها الأمنية والعسكرية. ولفت إلى أن عبدالملك الحوثي وضع المستشارين أمام خيارين: "إما الشراكة الطوعية، وإلاّ فإن جماعته ستفرضها بطريقتها". مضيفاً: "كان السيد عبدالملك الحوثي واضحاً مع المستشارين وقال لهم بالحرف الواحد؛ إما أن تتم الشراكة وفقاً لما اتفقنا عليه في مؤتمر الحوار، مالم سيتم فرضها بشرعية الثورة". واتهم البخيتي مستشاري الرئيس بالتسبب في الأزمة ولجوء جماعته للتصعيد قائلاً: "شعرت أن هناك تهرب واضح من المستشارين من استحقاقات مؤتمر الحوار فيما يتعلق بالشراكة الوطنية، وأنهم يريدون أن يبتزوا رئيس الجمهورية في حال شرع في تنفيذها من تلقاء نفسه دون وجود غطاء سياسي لها من كل الأحزاب، وسيحملونه مسؤولية استيعاب أنصار الله أمام بعض السفارات التي ترفض وبقوة استيعابهم وسيوظفون إعلامهم لمهاجمته بغرض ابتزازه للحصول على مكاسب سياسية، ولذلك يصرون أن لا يوقعوا على أي اتفاق مفصل ومزمن يوضح كيفية الشراكة وآلياتها والتزامات كل طرف فيها". مضيفاً: "شعرت كذلك أنهم يتقصدون إبقاء أنصار الله خارج مؤسسات الدولة ليكونوا عاجزين عن أي إصلاحات أو مكافحة للفساد وفي نفس الوقت تحميلهم مسؤولية أي فشل اقتصادي أو سياسي أو أمني بحكم سيطرتهم الأمنية والعسكرية على العاصمة، ويراهنون على أن المواطن البسيط سيحمل أنصار الله المسؤولية لأنه يشاهدهم ولجانهم في كل الوزارات والمؤسسات الحكومية ويشعر أنهم أصحاب السطوة داخلها". "الخلاصة -والكلام للبخيتي- أننا أمام طرفين؛ الأول الأحزاب.. هذا الطرف يملك خبرة سياسية وقدرة على المراوغة وتعويض خسائره الميدانية عبر خبرته وتغلغله في مؤسسات الدولة وتجييرها لمصلحته، والثاني أنصار الله يملك القوة والغلبة والميدان لكن خبرته السياسية ضعيفة وقدرته على قطف ثمار قوته وزخمه الشعبي وتحويلها إلى مكاسب سياسية شبه منعدمة، ولا بد من معركة فاصلة -إذا استمر انعدام الثقة- بين الطرفين سيدفع ثمنها المواطن والوطن.