حتى في برنامج صراع الديكة يكون المحاور الجيد هو من يُخرِج من الضيوف كل ما عندهم ، إلا ذلك المحاور فإنه يعطي الأسبقية لإخراج كل ما يعتمل داخله من أوجاع نفسية وعصبية حيث يكون لسان حاله دائماً : أنا الأولى بخوض معركة " يا قاتل يا مقتول " فإن كان أحد الديكين المتصارعين أو كلاهما يفتقد موهبة الشتيمة والسب سارع المذيع إلى شتم نفسه مع الحرص على استخدام مفردات " الصرماية " كمرادف لغوي للحذاء . وعقب كل حلقة يتم فيها تجاوز أبجديات المهنية وألف باء الأخلاق تشتعل شبكة التواصل الاجتماعي بقضية أي ديك من طرفي الحوار استطاع أن يدمي منافسة في حلقة الدفع المسبق ، وهي مسألة تسحب إلى النقاش مقدم البرنامج بقدميه باعتباره يأخذ دائماً دور المحاور غير النزيه الذي ينتهج التعصب للأيديولوجيا ورغبة الممولين فينهال على أحد ضيوفه تجريحاً ولا ينسى توزيع شتائمه في كل اتجاه . ولقد سألني زميل عن رأيي في إحدى حلقات الاشتباك الاعلامي الأهوج ومن كسب الجولة فقلت له : في مثل هذا البرنامج على الضيف الذي يمثل الرأي الآخر لسياسة القناة ومذيعها أن يعمل حسابه على أن مقدم البرنامج سيكون خصم غير شريف مع الذي هو من شيعة الممول وأن المواجهة ستكون بين ضيف وبين أخر مسنود بوقاحة المذيع وخبث المخرج . على مدار ما تابعته من الحلقة أجزمت بالاعتقاد أننا أمام مشهد إعلامي فاجر تقدمه قناة لا تريد فقط أن تكذب وتلفق صوتا و صورة ووثائق مزيفة وإنما تريد أن يكون الكذب حصرياً عليها ، ولذلك على اللاعب الذي يريد اختراق خصمه المسنود بشوفينية مشوهة لمقدم برنامج إما بأن يرفع صوته ليشوش على الضجيج التعاوني الذي يشترك فيه المخرج وكأنه في سوق السمك أو يكون - لا مؤاخذه - قليل أدب فيرد الصاعين بأربعة .. فأن تكون مؤدباً وموضوعياً فليست برامج صراع الديكة ملعباً مناسباً لك . أما ما يحيّرني فهو كيف يقبل بعضنا أن يكون طرفاً في اشتباكات هوجاء على الهواء يحضر فيها القدح وتتلون فيها القلوب بالفجور والأحقاد والضغينة حيث لا يغيب السؤال الحائر .. ما هذا الفجور وما هذه الاطلالات الشوفينية المُنْكَرَة .