لست بحاجه إلى مزيد شرح لتوصيف حاله المأزق الحاد في المشهد السياسي الراهن جراء تمترس الأطراف خلف مشاريع صغيرة تنذر بأسوأ العواقب على الوطن أرضاً وإنساناً . ولما كان الحال كذلك، فإن ثمة ما يستدعي مطالبة هذه القوى والمكونات السياسية والمجتمعية ببلورة مشروع وطني يحافظ على ما تبقى من القاسم المشترك.. أو على الأقل البحث على نقطة التقاء للعمل سوياً من أجل وقف نزيف التدهور القائم الذي يقود البلاد والعباد نحو مقصلة الإعدام وزرائب التشتت والضياع والانقسام. ويبدو من خلال مشاورات (موفنبيك) المعطلة أن تموضع كل طرف في خندق قصي إنما يعكس حالة التباين والتأزيم في مواقف هذه الأطراف، خاصة بعد طرح فكرة نقل مكان الحوار إلى خارج الوطن.. وهي أطروحات تلقى معارضة شديدة من أطراف سياسية في المعادلة الراهنة. وأتصور أنهُ يمكن استبدال هذه الفكرة بإبقاء الحوار داخل العاصمة مقابل وضع ضمانات تسير في اتجاهين، يفضي الأول إلى تأمين مشاركة الرئيس عبدربه منصور هادي في استكمال ما تبقى من العملية السياسية وفقاً لضوابط اتفاق السلم والشراكة، بينما يقضي الاتجاه الآخر إدماج (المليشيا) في صفوف القوات المسلحة والأمن.. باعتبار أن ذلك هو الخيار المناسب للتخفيف من التجاذب الحاد القائم بين الأطراف المعنية وتقريب وجهات النظر بينها، وذلك بالحرص على أن الجميع شركاء في هذه العملية دون إقصاء أو استئثار أو تهميش لأي من أطرافها. إن أخذ زمام المبادرة وتقديم التنازلات بين مكونات هذه العملية، فضلاً عن استمرار الرعاية الأممية لهذه التسوية أفضل بكثير من إطالة أمد الأزمة، خاصة وأن ذلك سوف يمهد الفرصة لأطراف إقليمية معينة السعي الحثيث للتدخل وتعطيل العملية السياسية برمتها. لست أضيف جديداً وأنا أحس بمرارة الجرح الذي يذكي نار التساؤلات مع كثيرين والجميع ينبه إلى خطورة إبقاء حالة التردد والتسيب واللامبالاة وحالة الضبابية التي تكتنف المشهد دون حسم في اتجاه الأخذ بخيارات التسوية السلمية القائمة على الشراكة الوطنية بين الجميع دون استثناء، وذلك لما يمثله هذا الخيار السلمي من إيقاف عجلة مخاطر الذهاب إلى مربع الاحتراب الأهلي الذي سيكون وبالاً على الجميع دون استثناء.. اللهم إني بلغت.. اللهم فاشهد.