واحد من أهم أسباب التوتر والقلق في نفس المواطن اليمني اعتماده على كل ما تبثه المواقع الإخبارية من أنباء دون التبين من صحتها؛ فكم من أزمة روجت لها هذه الوقائع دون أدنى مؤشر لوجودها وكم من حرب قامت فيها فقط ولا طلقة واحدة على الأرض. يحاربون، يسالمون، يحاورون، يتفقون ويصدرون قرارات التعيين والإقالة كأنما يخبرون عن وطن آخر ليس الذي نعيش فيه ولا نرى فيه شيئاً مما يقولون. مواقع تُدار بالأندرويد من مجالس القات لا هوية لها ولا أصل لمصادرها وكل ما فيها يعتمد على نوعية قات المحرر وبقية المخزنين؛ ويا رحمتاه للمواطن المسكين إذا حانت ساعة الكيف وبدأ أصحاب المواقع حروبهم وتحول كل مخزن منهم إلى أكاديمي متخصص أو محلل وخبير. يكتب أحدهم شطحة في حائطه على شبكة التواصل الاجتماعي فتصنع منها مواقع خبراً وتحليلاً وتتنبأ منها بالمستقبل وتحكم بها على خصومها. عناوين تلفت نظر الغريب عن هذه المواقع (شاهد بالوثائق، شاهد بالصور، المحلل السياسي، الخبير العسكري) وما إن يفتحها حتى يشعر بالتقزز والغثيان. المحلل السياسي لا يعرف معنى كلمة سياسة والخبير العسكري لا يميز بين رتبة عسكرية وأخرى وما قيل أنه وثائق أو صور تتعلق بموضوع آخر بعيدا عن عنوان الخبر أو لا وجود لها أصلا. هذه المواقع دمرت الكثير من القيم شتت المجتمع وإنسانيته وأخلاقه، دمرت الوطن وأزهقت أرواح أبنائه ولولاها لما صرنا إلى هذه الحالة. "إن إعلاماً بلا ضمير يولد شعباً بلا مسؤولية" وإعلامنا لم يعد بلا ضمير فحسب؛ بل بلا آدمية. وبقدر ما كنا نعلق عليه أملنا بقيادة التغيير صرنا نناشده الابتعاد عن حياتنا؛ لم نعد نريد منه أي شيء؛ فقط نريد أن ننام بهدوء ليس في رؤوسنا معارك ولا أزمات.