أكمل العدوان العسكري السعودي على الجمهورية اليمنية، أمس، شهره الأول، برصيد يقارب 5 آلاف غارة جوية نفذتها 185 مقاتلة حديثة تتبع تحالفاً تقوده المملكة، وبدعم لوجيستي من الولاياتالمتحدةالأمريكية. المقاتلات المعتدية قذفت أطناناً من المتفجرات الصاروخية والعنقودية على رؤوس اليمنيين، في صنعاء وصعدة وعدن وتعز وإب والحديدة وعدن وأبين ومأرب وشبوة وعمران وحجة ولحج والضالع والبيضاء والجوف وأبين، ولا يزال العدوان مستمراً بوتيرة عالية، مستهدفاً كافة القدرات الاقتصادية والتعليمية والرياضية والتقنية والعسكرية للجمهورية اليمنية. وصبيحة يوم الاثنين 20 إبريل 2015م كانت العاصمة صنعاء على موعد مع أكبر تحول خطير في العدوان الذي تجاوز كافة الحدود القانونية وصولاً إلى استخدام أسلحة محرمة دولياً خلفت دماراً واسعاً في منطقة فج عطان بالعاصمة يتجاوز ما رصدته عدسات الكاميرات حتى اللحظة. فج عطان.. هيروشيما أخرى في اليمن العاشرة صباح يوم الاثنين 20 إبريل 2015م سقط صاروخ على قمة جبل عطان، محدثاً انفجاراً هائلاً، أعقبه في الوقت ذاته غارات جوية استهدفت المنطقة ذاتها بقصف صاروخي وإلقاء عدد من القنابل في المناطق السكنية في حي عطان وشارع حدة والستين الجنوبي معها، تحولت منطقة فج عطان إلى صورة مصغرة عن "مدينة هيروشيما اليابانية- رمز الدمار"، ولكن في صنعاء، ركام المنازل ملأت الشوارع، وأعمدة الكهرباء تساقطت، وأسلاك الكهرباء النحاسية ذابت كخيوط من البلاستيك، وقذف الانفجار بأحجار ضخمة حملها مسافات كبيرة في الهواء لتسقط على سيارات المواطنين ومنازلهم وتحيلها إلى ركام في غمضة عين.. في الأرض وبالقرب من منازل المواطنين المئات من الشظايا التي خلَّفت حُفراً كبيرة وعميقة وسط الشوارع وعلى جدران المنازل التي تقيأت زجاج نوافذها على الأرصفة والشوارع فوق رؤوس وأجساد المارة على مسافة شارع الستين وبغداد وحدة وهائل والتحرير والصافية، وكان عطان ما يزال يتفجر ويتفجر بقوة، حتى وقت متأخر من الليل. شهادات يعمل نبيل الحكيمي حارساً أمنياً في إحدى المنظمات الدولية التي تتخذ من فج عطان مقراً لها، وصباح يوم 20 إبريل كان نبيل في عمله حين وقع أبشع وأقوى عدوان سعودي على العاصمة اليمنيةصنعاء، استخدم قنابل فراغية محرمة دولياً، لما لها من قوة تدميرية هائلة تستخدم فقط في استهداف الكهوف شديدة التحصينات في المناطق الجبلية الخالية من السكان.. لم يُصَب نبيل بأذى، لكن بدلته الأمنية الأنيقة تحولت إلى ما يشبه بدلات العاملين في مسالخ اللحوم تغطيها الدماء. يقول نبيل: كنت هنا لحظة الانفجار، وبعده مباشرة كانت الشوارع مليئة بجثث الشهداء والمصابين المضرجين بدمائهم، بدأت على الفور في مساعدة فرق الإسعاف التي وصلت، كنت أحمل الجرحى وهم ينزفون إلى سيارات الإسعاف، وكذلك المتوفين، نحاول بكل طاقتنا أن ننقذ حياة شخص مازال على قيد الحياة، نرفع الحجارة الكبيرة من الشوارع، نزيح أعمدة الكهرباء والأحجار التي سقطت على السيارات المركونة في الشوارع وحافلات النقل الأجرة التي كانت تحمل الركاب حينها، وخاصة القادمة من شارع الستين مروراً بفج عطان إلى حدة، ولم نعد نفكر بالانفجار وكيف حصل، فقط كان علينا فتح الطرقات أمام عربات الإسعاف وسيارات الدفاع المدني الخاصة بالإطفاء من أجل إطفاء المنازل والسيارات التي اشتعلت فيها النيران. مئات الشهداء والجرحى 37 شهيداً و363 جريحاً حصيلة أعنف انفجار شهدته صنعاء نهار 20 إبريل الجاري في منطقة فج عطان بحدة، لكن الكارثة أكبر بكثير من هذا الرقم، فمئات الأسر شردت، والمئات منها كانت قد وجدت بعض الوقت للملمة بعض من أثاثها المنزلي لتتمكن من الفرار من الجحيم قبل انفجاره بيوم واحد. ويروي الزميل فؤاد المصباحي، الذي كان وحيداَ في شقته الواقعة بأحد المباني السكنية بشارع الصرمي بحدة، مأساة مواطنين- رجالاً ونساءً وأطفالاً- هرعوا بأقصى ما لديهم من طاقة لمغادرة منازلهم، وكل واحد فيهم يؤكد أن القصف طال منزله.. لحظتها لم يكن فؤاد قد أحس بشظايا الزجاج التي دفعها الانفجار لتقع على قدميه وأن الدماء تسيل منه، قبل أن يلفت انتباهه أحد الجيران: أنت تنزف. القصف يطال مؤسسة إعلامية طال القصف الذي تعرضت له منطقة فج عطان، يوم 20 إبريل 2015م، قناة "اليمن اليوم" المملوكة لشركة شبام للإنتاج الإعلامي، مُوقعاً فيها أربعة من الشهداء و10 مصابين وتدمير شامل، حيث اخترقت قذيفة صاروخية سطح مبنى القناة وخرجت من الجانب الآخر لترتطم بإحدى الفيلات السكنية خلف مبنى القناة. ويتحدث المصور التلفزيوني في القناة، حامد العوامي، عن لحظات لم تكن جزءاً من أعمار العاملين في القناة الذي يضم مبناها أيضاً مقر إذاعة "يمن إف أم"، كان حامد- حد قوله- خارجاً من الاستيديو، والعديد من الزملاء يتحركون في مهام عملهم الاعتيادية في الممر بين الاستيديو وغرف المونتاج وتحرير الأخبار، وفي لحظة واحدة أخذ مبنى القناة يهتز بقوة والجميع يفقدون توازنهم. ثوانٍ قليلة فقط كان المذيع محمد شمسان يسقط بين أقدامهم مضرجاً بدمائه، أصابته شظية لم ينتبه أحد لحظتها أن سطح القناة فوق رؤوسهم لم يعد منه عدا بعض من الحديد وأن السماء تمطرهم في تلك اللحظات شظايا صاروخية مختلفة الأشكال والأحجام. آثار بيئية خطرة يقول أستاذ البيئة والنفط بجامعة صنعاء، الدكتور خالد الثور: إن القوة التدميرية للسلاح الذي تعرض له حي عطان هائلة، وأن تساقط الزجاج من المنازل جراء الانفجار وصل إلى مسافة 37 كم من محيط الانفجار، فيما وصل أثر الاهتزاز إلى مسافة 10 كم.. مشيراً إلى أن جميع المنازل في الحي الذي سقط فيه الصاروخ دُمرت تماماً، بالإضافة إلى جزء كبير من الجبل الذي تطايرت منه صخور وأحجار كشظايا مهلكة سحقت العديد من جثث الشهداء، فيما تعرض العشرات من الشهداء والجرحى إلى درجات عالية من الحرق؛ الأمر الذي يستدعي تشكيل فريق علمي متنوع، في الجيولوجيا وخبراء الأسلحة العسكرية والتربة، لمعرفة نوعية السلاح المدمر المستخدم في العدوان على فج عطان، والمخاطر المستقبلية المترتبة عن قوة الانفجار.