الهجوم الذي شنه "انغماسي" أو انتحاري يتبع "الدولة الإسلامية" على مسجد للشيعة في مدينة الدمام شرق المملكة العربية السعودية، يشكل تحدياً للسلطات الأمنية السعودية، ورسالة قوية لها تؤكد أن هذه "الدولة" متغلغلة في النسيج الاجتماعي السعودي وقادرة على اختراق الأجهزة الأمنية في وقت هي في قمة الاستعداد والتأهب. لا يخامرنا أدنى شك في صحة الرواية الرسمية السعودية التي أفادت بأن انخفاض عدد القتلى إلى ثلاثة أشخاص، علاوة على الانتحاري، نتيجة اشتباهها بالسيارة وصاحبها قبل وصولها إلى المسجد المستهدف، لأن نجاح انتحاري مسجد القديح في القطيف في الوصول إليه واقتحامه وقت كان يعج بالمصلين، يوم الجمعة الماضي، أدى إلى مقتل 21 شخصاً وإصابة العشرات. ومع تسليمنا بهذه الرواية الرسمية، فإن هذا لا يعني أن التحدي الذي تواجهه قوات الأمن السعودي هيِّن، ويمكن التصدي له بنجاح لأنه يبدو واضحاً أن خلايا "الدولة الإسلامية" النائمة بدأت تصحو وبشكل فاعل، وتنفذ مخططاً من التفجيرات يهدف إلى زعزعة استقرار وهز جبهتها الداخلية وأمنها، في وقت تخوض فيه حروباً استنزافية في الجارين اليمني والسوري. "الدولة الإسلامية" التي جاءت امتداداً لحركة "التوحيد والجهاد" التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، لا تريد خلق فتنة بين السنة والشيعة، مثلما يروج الإعلام السعودي الرسمي منه وشبه الرسمي، بل هي تطبق ركناً أساسياً من عقيدتها "الوهابية" وهو محاربة أبناء الطائفة الشيعية باعتبارهم كفاراً. خطورة خلايا "الدولة الإسلامية" التي تنشط حالياً في المملكة العربية السعودية تنبع من كونها مكتفية ذاتياً على الصعيد المالي، ولا تحتاج إلى تمويل خارجي، وتجد تعاطفاً كبيراً من بعض الشباب السعودي والجيل الجديد من الدعاة ورجال الدين الذين يتمسكون بالفكر الوهابي وينتقدون محاولة الدولة التخلي عنه بشكل تدريجي لتجنيب اتهامها برعاية الإرهاب ودعمه. إن عمليات التحريض الطائفي التي بلغت ذروتها تعني أن هناك حملة تضامن غير مسبوقة من قبل بعض رجال الدين والدعاة والكتَّاب مع ضحايا هذه التفجيرات من أبناء الطائفة الشيعية تعكس محاولة للتبرؤ من الجماعات الإسلامية المتشددة، ولكن هذا النهج يبدو سطحياً ومؤقتاً ووليد ساعته، وقد لا يعمر طويلاً، وهنا تمكن المشكلة. إصلاح التعليم في السعودية ومعظم دول الخليج، وإحلال قيم التسامح والمساواة والعدالة مكان قيم التحريض الطائفي والعرقي هو الخطوة الأهم من وجهة نظر هذه الصحيفة "رأي اليوم" وأسرتها، ودون اتخاذ خطوات سريعة في هذا الإطار ولجم وسائط الإعلام والدينية منها على وجه الخصوص، فإن الأزمة ستسمر وتتعقد وستستمر معها أعمال التفجير للمساجد الشيعية والسنية معاً. "رأي اليوم"