كنت، وما زلت، أكثر الناس إلحاحاً على أنصار الله بان يعمِّموا على محيطهم عدداً من التوصيات والموجهات العامة ذات الصلة بالمتغيرات الوطنية والسياسية والفكرية.. هذه التوصيات من شأنها إحداث علاقة انسجام بين القيم الفكرية والثقافية التي تشكل منهجيتهم العامة وبين ما أنتجته الأحداث والمتغيرات اللاحقة التي اتخذت طريقها إلى العام عجباً.. والعام الذي أتحدث عنه هو ما أطلَّت عليه شمس ال 22سبتمبر 2014، أي اليوم الثاني للثورة الشعبية.. منذ تلك اللحظة بدأ المتغير العام في مسيرة هذه المسيرة المباركة.. وأفرد التاريخ صفحات جديدة لتدوين ما حبلت به الأيام من أحداث وما تكحَّلت به الصفحات من متغير ومستجد.. مع هذا المعطى توجَّب على أنصار الله أن يضيفوا شيئاً جديداً إلى ثقافتهم وأن يتعاملوا مع هذا الجديد بقدر من الواقعية والانفتاح.. ويعني ذلك أنهم أمام ثورة انتقلوا بها ومعها من المشروعية الجهادية إلى المشروعية الثورية، بما يحمل ذلك من تبعات ومتاعب نشعر بها ونقدِّرها ونعمل في إطارها كأنصار للأنصار وليس المهاجرين، كما يحلو للبعض أن يسميهم.. غداة تفجرت الثورة علقت بها أفكار جديدة وقيم ثورية مضافة إلى الفكر المنهجي والقيمي للجماعة منذ أن كانوا جماعة من المجاهدين، ثم تشكلت قواهم ليصبحوا، لاحقاً، أنصار الله، ومن ثمَّ حملوا على عاتقهم مسئولية أمه وقضية بحجم الوطن، ومع كل مرحلة من هذه المراحل تشكَّلت قيم ومعطيات جديدة.. ولقد هاجرنا إليهم حين كانوا مجاميع مجاهدة، ثم التحمنا بهم وهم أنصار الله، وكنا بعضاً من رحيق الثورة ومدامعها، ونسأل الله بصدق أن يتخذنا من خلالها مع من أحَبّ. هذه الخلفية المتواضعة توصي بأهمية العمل الجمعي وضرورة التعاطي مع المكلفين بمهام إشرافية في العاصمة وغيرها، على أساس من الرقابة والرصد والتقييم والمساءلة التنظيمية، بعيداً عن الاتكالية والركون إلى الضمير الشخصي لكل عامل في موقع قرار انسجام مع قاعدة العمل مع الله والاتكاء على الضمير الفردي.. فالدنيا لم تُطلَّق من الجميع، وما بصق على مغرياتها الكل، والسِّيَر والعِبَر أصدق من قدم لنا الشواهد والأمثلة، ونحن نعرف أين ومن ذكرنا بتلك الشواهد والعبر.. إن الدواعي والضرورات تستوجب إفساح المجال أمام تجارب القوى والأحزاب ذات التجربة الواسعة والطويلة.. ومن ذلك نعتقد بأهمية وجود غرفة عمليات عامة للعاصمة تضم أعضاء من كل مديرية في الأمانة، تحت إشراف عضو مكتب سياسي مناوب يمتلك حق توجيه وإدارة المشرفين في العاصمة.. وهذا مجرد الفكرة العامة.. كما يوصى بوجود غرفة عمليات إعلامية تتبع المجلس وتتابع وترصد وتقيم كل ما ينشر ويذاع بشكل يومي لمعرفة الاتجاهات العامة ووضع أفكار ومشاريع في ضوء ذلك، بحيث يُقدَّم نهاية كل يوم تقرير موجز.. تماماً كما ينبغي أن يحدث في غرفة العمليات العامة المشار إليها.. وهذه مجرد فكرة لكم تقديركم إزاءها.. مع حقنا عليكم الأخذ بعين الاعتبار مطالب الناس في المديريات والمناطق.. ومن ذلك ما أجده مطلباً ملحاً في مديرية كآزال، وأظنكم تشاركونني الرأي بأهميتها وتلك الخصوصية التي ترتبط بها، إنها الأبرز والأكثر خشية لدى كاتب هذه الأسطر، لأنه أحد سكانها المعتقين منذ زمن بعيد، وواحد ممن يفترض بهم خدمة أهلها، ويرى وفقاً للتجربة والخلفية أن تُعطى قدراً وافراً من الرعاية والاهتمام والمساءلة عن قُرب.