بينما تدنو نهاية نفوذ "الفار" هادي في عدن مع تسريح آخر ألويته في المدينة، أمس، ووصوله إلى مدينة جدة السعودية كمقر جديد لإقامته، تدخل عدن منعطفاً جديداً في الصراع، وهذه المرة بين حكومة "بحاح" والحراك الجنوبي. إذ صعَّد الأخير من اتهاماته لحكومة بحاح ب"محاولة تفريغ عدن من قواته"، فضلاً عن إعاقته إجراء تحضيرات لاستقبال نائب الرئيس الأسبق، علي سالم البيض. هادي، وفقاً لوكالة سبأ المستنسخة والتابعة له، أقر العودة إلى مدينة جدة قادماً من الولاياتالمتحدةالأمريكية، سبقها بأيام بزيارة لم تستمر طويلاً لمدينة عدن، غير أن وصول هادي إلى جدة- برأي مراقبين- تبدو تحضيراً لمنفاه المرتقب في المدينة، في ظل تعثر القوات الغازية عن إعادته إلى السلطة داخل الأرض اليمنية، باستثناء زيارته الأخيرة لعدن والتي استمرت 24 ساعة. وبالتزامن مع وصول هادي إلى جدة، زار رئيس حكومته، خالد بحاح، قصر المعاشيق في عدن وطالب بسرعة استكمال تجهيزه، حيث توقعت مصادر أمنية انتقال بحاح للإقامة فيه بدلاً عن فندق القصر .. وفي السياق ذاته، اقتحمت مجاميع مسلحة في عدن، أمس، آخر ألوية الرئيس الفار في المدينة وأفرغته من الجنود بعد اشتباكات استمرت لعدة ساعات. وقالت مصادر أمنية ل"اليمن اليوم" إن مجاميع مسلحة "ملثمة" اقتحمت معسكر اللواء (39 حزم) المعروف بمعسكر "سبأ" والكائن بمديرية البريقة، مشيرة إلى قيام تلك المجاميع باشتباكات مع حراسة المعسكر قبل أن تتمكن من السيطرة على اللواء وطرد المجندين الذين كان أغلبهم بدون سلاح. وكان هادي وجَّه قبل شهرين بتشكيل ألوية عسكرية باسم "حزم سلمان"، أحد تلك الألوية، سبق للمنطقة العسكرية الرابعة وأن سرحت أفراده من مقره الكائن في جولة الغزل والنسيج بمديرية المنصورة بعد أعمال عنف في المعسكر طالت قائد التسليح فيه. اقتحام آخر ألوية هادي وتسريح مليشياته جاء بعد يوم على تصاعد حدة الخلافات بين بحاح وهادي بشأن طرد السفير الإيراني في اليمن، إذ أعلن رياض ياسين، وزير خارجية هادي، إقرار ذلك. بينما نفى ناطق حكومة بحاح، راجح بادي، إقرار الحكومة طرد السفير الإيراني.. وعلى مدى الشهرين الماضيين من صراع قوى الاحتلال في عدن عبر مرتزقتها المحليين بدا بحاح واثقاً في خطواته المدعومة إماراتياً، إذ تمكن في وقت سابق من إزاحة القيادي في حزب الإصلاح نائف البكري الذي عينه هادي محافظاً لعدن.. ويرى مراقبون بأن بحاح يتجه لإزاحة هادي نهائياً عن المشهد، خلال الفترة المقبلة، لكن ذلك مقرون بالحلول السياسية في اليمن، غير أن بحاح بات مؤخراً أمام معضلة كبرى تتمثل بإصرار الحراك على "فرض الأمر الواقع". العقيد طيار عادل الحالمي، القيادي الميداني في ما تسمى ب"المقاومة الشعبية الجنوبية" التابعة للحراك الجنوبي، قال، أمس، في تصريح لموقع عدن الغد إن الحراك الجنوبي سحب عناصره المشاركة في القتال بمحيط باب المندب، مشيراً إلى أن تلك القوات عادت إلى معسكر بدر في عدن. واتهم الحالمي قوى لم يسمِّها، بمحاولة تفريغ عدن مما سماها ب"المقاومة". وأشار الحالمي إلى أن كتيبة من مقاتلي الحراك "بقيادة أمجد جمال" ذهبت إلى باب المندب للمشاركة في القتال مع قوات الاحتلال، "لكنا وجدنا هناك مبالغة وتضخيماً للوضع، وأمرنا جنودنا بالعودة إلى عدن". وأضاف "أدركنا حينها بأن ثمة قوى تسعى لإفراغ عدن من المقاومة". وفي أول رد رسمي لحكومة بحاح على سحب الحراك لمسلحيه، عقد قادة ما يسمى ب"الجيش الوطني" وضباط من قوات الاحتلال في عدن، مساء أمس، اجتماعاً بقادة الحراك الميدانيين لتدارس أسباب الانسحاب من باب المندب. وقالت مصادر عسكرية ل"اليمن اليوم" إن حكومة بحاح استعانت بقوات "الاحتلال" بهدف الضغط على قوى الحراك لإعادة جنودها المنسحبين من جبهة باب المندب، غير أن الحراك الجنوبي رفض ذلك وأبلغهم بأن "مهمته تقتصر على تأمين عدن." الحراك، وفقاً للحالمي، بات "المسيطر على أرض الواقع"، وهو من يتخذ القرارات المتعلقة بالأمن والحماية.. تصريحات الحالمي- القائد الحالي لما كان يعرف بمعسكر بدر- تأتي في وقت تشهد فيه الساحة الجنوبية تحضيرات واسعة من قبل قوى الحراك الجنوبي للاحتفال بالعيد الرابع عشر من أكتوبر، إضافة إلى تحضيرات لاستقبال نائب الرئيس الأسبق، علي سالم البيض، الذي لا يزال بنظر قوى الحراك "الرئيس الفعلي للجنوب". مدير مكتب البيض، الربيزي، قال في تصريح صحفي إن مكتبه في عدن يجري تحضيرات لعودة البيض خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن البيض أبدى خلال اتصالاته مؤخراً بقادة الحراك رغبته في العودة إلى عدن.