أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الوزير البكري يلتقي بنجم الكرة الطائرة الكابتن اسار جلال    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل الشيخ محسن بن فريد    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    تفاصيل قرار الرئيس الزبيدي بالترقيات العسكرية    بعد خطاب الرئيس الزبيدي: على قيادة الانتقالي الطلب من السعودية توضيح بنود الفصل السابع    بمنعهم طلاب الشريعة بجامعة صنعاء .. الحوثيون يتخذون خطوة تمهيدية لإستقبال طلاب الجامعات الأمريكية    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    آرسنال يُسقط بورنموث ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من سايكس پيكو ثانٍ للمنطقة؟
نشر في اليمن اليوم يوم 20 - 10 - 2015


لم يكن سراً مخفياً من واشنطن أن إهمال الأزمات في سوريا والعراق وليبيا واليمن سوف يؤدي إلى استفحالها، وأن استفحالها سوف يدفع بأفواج اللاجئين إلى الشواطئ الأوروبية وبخلايا (المجاهدين) إلى أعماق المجتمعات في كافة أرجاء العالم حسن منيمنة ما لا خلاف في شأنه هو أن المنظومة السياسية العربية التي أتحفت المنطقة والعالم بوهم الاستقرار المستدام قد طويت صفحتها مع توالي الانتفاضات والأزمات والحروب لتدخل المنطقة مرحلة انتقالية غير واضحة المعالم. ورغم الضباب الذي يلازم أي استقراء لمستقبل الشرق الأوسط، فإن ثمة قناعة تزداد شيوعاً حول حتمية انعقاد «سايكس پيكو 2»، في محاكاة لما عاشته المنطقة قبل قرن كامل. فثمة من يرى، يخشى أو يأمل، أن تشهد المرحلة إعادة تشكيل للكيانات والحدود على النمط الذي يُنسب عادة لاتفاقية سايكس پيكو، وهي التي يفترض أنها ما رَسَمَ هيئة المنطقة في أعقاب الحرب العظمى التي شهدت زوال الدولة العثمانية. ويكاد الجدل في هذه الأوساط المرتقبة المتخوفة أن يقتصر على تحديد هوية الأطراف المشاركة في الفعل التأسيسي الجديد، كما في شكل الكيانات العتيدة التي يفترض أن ينتجها. وفي حين أن التوقعات حول انعقاد سايكس پيكو جديد تقترب من درجة الإجماع، فإنه لا توافق على الإطلاق في تقييم النوايا والأهداف التي تحرك المنعقدين العتيدين. أي ثمة من يرى أن إعادة رسم خارطة المنطقة أمر محمود نظراً للحاجة الملحة إلى إيقاف النزيف فيها وإلى صياغة واقع جديد يعكس خطوط التماس بين الطوائف والجماعات، وثمة من يعتبر أن النزيف مفتعل أصلاً لغرض فرض تقسيم يخدم مصالح بعيدة عن الحاجة الموضوعية لسكان البلاد. والحديث هنا هو عن «الفوضى الخلاقة»، تلك العبارة الاستدراكية التي استعملتها عرضاً وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس لتصبح إحدى أهم أدوات التفسير لمجريات الأحداث لدى محللين يصرون على رؤية اليد الأميركية الخفية في كل تطور. ولكن، هل لانتظار سايكس پيكو جديد ما يبرره؟ بل هلّا جرى استعراض معطيات سايكس پيكو الأول لتأهيل الاطمئنان إلى سايكس پيكو آخر أو الطعن فيه؟ فالاتفاق الأصلي، والذي جرى النقاش حوله لأشهر امتدت بين العامين 1915 و1916، كان بين قوتين استعماريتين في أوج انتشارهما، شاءتا التفاهم على المكاسب بعد انتهاء الحرب الدائرة آنذاك. ولكن ما يتضمنه الاتفاق من وعود لكل من بريطانيا وفرنسا لم يتحقق لا بإجماله ولا بتفصيله. بل جلّ ما جرى هو تأصيل وجود جيوشهما في أماكن انتشار توافقتا عليه بعد اندحار القوات العثمانية. فالاتفاق بين الرجلين، البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرانسوا جورج پيكو يلحظ قيام خمسة كيانات في الشرق الأدنى: كيان يمتد من بغداد جنوباً ليشمل الكويت ويتصل بساحل الخليج، تحت سلطة بريطانية مباشرة، وكيان آخر يجمع ما هو اليوم الشطر الشمالي من العراق وكامل الأردن وصحراء النقب وصولاً إلى سيناء، ليشكل منطقة نفوذ بريطاني. وفي مقابل هذين الكيانين، كيان شريط ساحلي يمتد من الجنوب اللبناني شمالاً باتجاه خليج الإسكندرونة وأضنة، ليتسع براً إلى داخل الأناضول، ويكون تحت سيطرة فرنسية مباشرة، وآخر يقتصر على بادية الشام، ويشكل منطقة نفوذ فرنسي. وبالإضافة إلى هذه الكيانات الأربعة، يتشكل من سنجق القدس العثماني، أي الجزء الشمالي في فلسطين الانتداب، كياناً تحت إشراف دولي، على أن تقتطع بريطانيا منه عكا وحيفا. ويبدو بأن التجربة الملهِمة في السعي للاتفاق وفق هذه المعالم كانت على التوالي الهند والجزائر لكل من بريطانيا وفرنسا، فكما كان لبريطانيا سلطة مباشرة على بعض الهند ووصايات وحمايات في سائرها، وكما كان لفرنسا حضور واستعمار مباشر في الجزائر، وحماية ووصاية في جوارها، فإن استعراض مستقبل الشرق الأدنى من جانب الدولتين الاستعماريتين جاء ليأمل بترتيبات مشابهة. أما ما حصلت عليه بريطانيا وفرنسا فعلياً بعد سقوط الدولة العثمانية فقد كان بلا شك دون الرجاء. فقد منحت عصبة الأمم هذه وتلك انتداباً كلفته توشك أن تفوق مكافآته. وإذ أنيطت مسؤولية الانتداب الفرنسي والبريطاني في مراحله الأولى بالقوات المسلحة لكلا الدولتين فإن القوة العسكرية في الخلاصة فشلت فشلاً ذريعاً عبّر عنه استفحال التمرد والانجرار إلى القمع الشديد المرتفع الكلفة. وقد دفع ذلك السلطة المنتدبة إلى نقل المسؤولية إلى إدارات مدنية سارعت بدورها إلى التنصل من إلزامات عصبة الأمم من خلال اتفاقيات ثنائية ومن بعدها استقلالات. فلا التصورات للحدود تحققت، ولا السعي إلى الاستفادة الواضحة وفق النموذج الاستعماري التقليدي حصلت. أي أن سايكس پيكو الواقع والتاريخ لم يكن سايكس پيكو الخطاب السياسي الذي يجعل منه رسماً محكماً لحدود الهدف منها تقطيع أوصال الأمة أو نهب خيراتها. لا ينفي ذلك بالطبع السعي الدائم ولاسيما من جانب بريطانيا إلى ترتيبات اقتصادية لصالحها قدر الإمكان، كما في مجال النفط العراقي، غير أن الاختراق الاستنزافي الذي تحقق لبريطانيا في الهند ولفرنسا في الجزائر لم يرَ النور في المشرق العربي. وإذا غابت عن «سايكس پيكو 1» القدرة على فرض التصور والتنفيذ، في زمن الاستعمار الصريح الذي لا يخشى لومة لائم، فما حال «سايكس پيكو 2» المرتقب، حيث لا عصبة أمم تتحلّى بالأبوية الفجة ولا دول استعمارية تسعى إلى توسيع نطاق سيطرتها، بل قوة عظمى وحيدة متبقية تعمل جاهدة على الانسحاب من المنطقة، وقوى طفيفة في قدراتها متورمة في قناعاتها، لا هي قادرة على فرض رغباتها على غريماتها ولا هي، لانعدام الثقة وغلبة الهوى والاستهلاك بوهم إمكانية تحقيق الانتصارات، مستعدة للجلوس مع غيرها والتنازل عن بعض طموحاتها وأطماعها. لم يكن سرّاً مخفياً عن عواصم القرار العالمية، وفي طليعتها واشنطن، أن إهمال الأزمات في سوريا والعراق وليبيا واليمن سوف يؤدي إلى استفحالها، وأن استفحالها سوف يدفع بأفواج اللاجئين إلى الشواطئ الأوروپية، وبخلايا «المجاهدين» إلى أعماق المجتمعات في كافة أرجاء العالم. ولكن، لاعتبارات منها الموضوعي ومنها الذاتي، ومنها ما يشكل اعتذاراً مبرِّراً، ومنها ما ينحدر إلى مستوى الأعذار الواهية والسقطات السياسية والمعنوية، لم تعالج الأسرة الدولية أصول المعضلة، بل تكتفي اليوم بمواجهة فروعها. كيف يمكن بالتالي انتظار التحرك والإنتاج ممّن كان عاجزاً أو ممتنعاً عنه رغم اتضاح مصلحته فيه. فما تفيده الوقائع والمعطيات هو أن انتظار «سايكس پيكو» هو أقرب إلى انتظار «غودو»، وبدلاً من التقسيم وإعادة رسم الحدود والسعي إلى زخرفة جديدة لخارطة المنطقة، ما يمكن توقعه في المستقبل المنظور، وإلى أن تظهر عوامل جديدة تعترض استقرار انسياب الانهيار، هو تواصل الانحلال في البنى المادية والاجتماعية في البلدان التي تعيش حال الحرب والأزمة، لتنضم سوريا ومعظم العراق وليبيا واليمن إلى الصومال في الخروج من تصنيف «الدولة» وفق أي معيار متعارف عليه وتدخل في خانة بؤر الأزمات التي يرجى احتواؤها وحسب، وإن بشكل غير كامل. واللائحة المرشحة لأن تتبع هذه البلدان في الانحلال قد لا تقف عند حد جوارها المباشر. ولا تدعو هذه القراءة القاتمة إلى التسليم بجبرية الانهيار، بل هي وحسب تنبيه إلى أن التعويل على استنقاذ خارجي، ولاسيما في شكل حل شامل، هو من باب الخيال السياسي، بل من باب التسويف الذي يزيد الأمور تعقيداً. فالحاجة إلى مؤتمر تأسيسي جديد قد تكون بديهية، ولكن مقومات انعقاد هذا المؤتمر ليست خارج المنطقة بل هي تحديداً في بروز واقعية مستحدثة تدرك القصور والتقصير لدى القوى المتنافسة داخل المنطقة وترضى بالتالي بتنزيل سقف المطالب المغالية، بما في ذلك تحديداً الإبقاء على الطغم القاتلة أو إعادة تأهيلها والغض عن إجرامها. والواضح أن الخسائر التي تمنى بها الأطراف كافة، على فداحتها، لم تصل للأسف إلى حد إقناع هذه القوى بفضائل التواضع والحوار والتسوية. حسن منيمنة هو مساهم في تحرير "منتدى فكرة"، وناظر في "بدائل الشرق الأوسط" في العاصمة الأمريكية واشنطن. *معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.