د. أحمد عبدالله الصوفي 1- خطوة سياسية تدل على أن زمام المبادرة ما زالت بيد قوى الداخل وهي الجبهة الوطنية التي تستطيع أن تواجه الخيار العسكري، وأيضاً تستطيع أن توفر مناخات للخيار السياسي. لقد كانت الأممالمتحدة من يقبض على الملف السياسي، لكنها أخفقت في السيطرة على مواجهات الوساطة وبالأخص التوازن في الرؤية إلى الحالة اليمنية. 2- العدوان السعودي مع حلفائه هم جزء من مؤامرة ظلت تركز في كل مناوراتها على تحقيق تدمير الشخصية القانونية والاعتراف الدولي بالجمهورية اليمنية، حتى أن الحرب التي شُنت في مناخ تعطلت فيه الأبعاد القانونية للدولة اليمنية بسبب الإعلان الدستوري وسيطرة الحوثي على الدولة، كل هذا كان يخدم هدف تدمير الشخصية القانونية، وبالتالي العودة من خلال المجلس السياسي، الإطار القانوني والدستوري والمرجعية المؤسسية إنما هو استدراك إيجابي للحفاظ على الشخصية القانونية للجمهورية اليمنية. 3- كل أشكال المقاومة للعدوان وما تبديه من بسالة في الجبهات أمر مشرف، لكنه خارج إطاره الدستوري والقانوني المعبر عنه بمؤسسات الدولة اليمنية، ما جعل إمكانية استمرار العدوان وافتقار اليمنيين المدافعين عن قرارهم الوطني بصوت إزاء العدوان وإزاء العالم الذي قبل أن يوجه تأييده لحفنة عملاء الرياض الذين استفادوا من الحرب ويريدون اليمن غنيمة تحت اسم الشرعية، وبالتالي يصبح العدوان هو الآخر شرعياً، لذا جاء المجلس باعتباره طرفاً أصيلاً معبراً عن إرادة سياسية تؤازرها مؤسسات دستورية وتساندها قطاعات الشعب ليكون في وجه العدوان. 4- العودة عن الإعلان الدستوري وحلّ اللجنة الثورية وإعلان المجلس السياسي، إنما هو مدخل واقعي في طريق طويل يفضي إلى استعادة الدولة الوطنية، وبناء تحالف وطني يسترجع القرار الوطني، وهي عبقرية سياسية قلَّ أن نجدها في الحالات التي شهدها القرن العشرين، حيث عصفت الانقسامات بدول لم تستعد عافيتها حتى اليوم. 5- المجلس السياسي باعتباره مؤسسة تمثل الشخصية القانونية للدولة اليمنية في ظل ظروف الحرب العدوانية تقاطع مع مقاصد وأهداف قرارات المجتمع الدولي وقيامه على أرضية قانونية ودستورية وفَّر شروطاً موضوعية لتسريع خطوات المضي إلى السلام، كما أنه انتزع الغطاء الذي تخفَّت وراءه الأطماع السعودية عند شنها العدوان، وكان حريا بمبعوث الأمين العام الاستفادة من هذا التطور الإيجابي والبناء عليه، وهو الذي يعلم أن الرهان على الخيار العسكري بات بحكم العدم، وأن الخوف لدى المملكة أن ينقلب الطرف المدافع عن نفسه ووطنه وشعبه إلى خيار الهجوم الذي قد يشعل المنطقة كلها، لذا المجلس السياسي إحدى ضمانات السير نحو السلام مع من يريد سلاماً عادلاً يصب في الأخير لمصلحة الشعب اليمني. 6- المجلس بتنوع تركيبته وغزارة أشكال التحالفات داخله وتعبيراته الجهوية وكثافة الرموز القيادية المنخرطة في تمثيله، يعد داخلياً فتحاً للباب، ودعوة صريحة للآخرين الذين غرقوا في أوهام الرهان على قوى العدوان للفوز بمغانم اتضح أنها على حساب المصلحة الوطنية، وهذه المبادرة وإن كانت لا تفتح باب التوبة والغفران لقيادات بعض الأطراف المنغمسة حتى أذنيها في جرائم العدوان على الشعب اليمني، وتأمين غطاء سياسي للإجرام السعودي، إلا أن قواعد هذه الأطراف ومستويات قيادية ظلت خرساء عاجزة مسلوبة الإرادة يمكنها أن تعيد ترتيب أوضاع مؤسساتها وتنخرط لصيانة أهداف وطنية واستكمال مؤسسات السلام الوطني التي تبدأ من الشعب وتنتهي إلى الشعب. 7- المجلس السياسي يكشف بوضوح أن المملكة باتت اليوم في مواجهة مع الشعب اليمني، ولم يعد بمقدورها الزعم أنها ضد انقلاب الحوثي، فقيام المجلس أزال فكرة وذريعة المملكة وحلفائها، وبالتالي بات العدوان وجهاً قبيحاً واحداً ولم يجد غير مجلس سياسي قابل للتوسع في وجهها حتى تنصاع لإرادة المظلومين والمعتدى عليهم وتخضع للقانون الدولي وتتلقف عقاب شرائع السماء إن مضت في عتوِّها ونفورها. 8- المجلس رهان المرحلة التاريخية الدقيقة والتي تتطلب البناء على قوى ورؤى متجانسة الأهداف ومتكاملة الوسائل تمثل نواة لعزيمة وإرادة النصر التي لا شك أن الشعب اليمني يستحقها. 9- إن التوقيت الذي تزامن مع بروز مؤشرات قوية تجعل الآمال بالدور الدولي ضئيلة بعد أن تحوّل ولد الشيخ إلى سكرتير في مكتب أحد الأمراء، وبعد إصراره على قتل الأمل في ضمير الشعب الذي عوَّل كثيراً على قيم الدين والعروبة والتاريخ والجوار ليطفئ غطرسة آل سعود ويسكن شهوة المال وغرور القوة بالدعوة إلى السلام، وأمام هذه الانتكاسة جاء هذا الرد ليتكافأ مع حسابات البيدر وضآلة الحصاد، إنه الرد الذي يتجاوز الفشل في الكويت ليدشن أرضية لبداية تتأسس في صنعاء وتختتم فيها.