ما يجعل التواطؤ الأمريكي مع السعودية محلاً للمفارقة المستهجنة أن أمريكا على معرفة تامة بعاهات العقلية السعودية، ودورها في صناعة الإرهاب الدولي، ودوافعها الهستيرية في إثارة الأزمات والحروب في المنطقة، والآثار المدمرة لهذه الأزمات والحروب على المصالح الأمريكية بالذات!. يعرفون جيدا أن السياسة السعودية عموما، نتاج نفسيات بدوية منخورة بالعقد والوساوس والأمراض النفسية، وأنها خصوصا تجاه اليمن قائمة منذ البدء على أسس غير عقلانية، أبرزها الفوبيا "الرُّهاب" أو "الخوف المرضي": -الفوبيا من وحدة وقوة اليمن التي ربطها الملك الأب "عبد العزيز" بزوال المملكة. -الفوبيا من النظام الجمهوري، التي تسببت بكل الحروب والأزمات منذ 1962م. -الفوبيا من الخصم الفارسي في اليمن، التي تسببت ب"عاصفة الحزم". في عددها الأخير، أشارت مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) إلى تكامل "الفوبيا" وجنون العظمة (Megalomania) في دوافع السعودية لحربها الراهنة على اليمن، كما تناولت هذه المجلة الاستراتيجية التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، تضارب المصالح الأمريكية السعودية في هذه الحرب التي أشارت إلى وجاهة أن يحسمها الرئيس الأمريكي القادم، وفق المرتكزات الستة التالية: - تحرير حكام السعودية من جنون العظمة الذي يفاقم أزماتها الداخلية والخارجية. - تخليصهم من أوهام وصية الملك عبدالعزيز، بشأن اليمن، وهو على فراش الموت. - فك ارتباط السعودية بالإرهاب أيديولوجياً ومالياً وسياسياً. - تحقيق تقاسم منضبط للنفوذ في المنطقة بين السعودية وإيران. -الحفاظ على وحدة اليمن، وفق تقاسم عادل للسلطة والثروة بين الجنوب والشمال. -ربط وقف الحرب بتصفية نفوذ الجماعات الإرهابية التي توالي تنظيم "داعش" في اليمن. يمكن ملاحظة أن أربعة من هذه المرتكزات الستة المفترضة للحل الأمريكي للحرب على اليمن، تتعلق بالسعودية لا باليمن، فيما المرتكزان الأخيران يتعلقان أصلا بالتخلص من آثار الحرب السعودية الراهنة، التي عملت على تفكيك البلد تمهيدا لصراعات أهلية طويلة الأمد، أو مكنت الجماعات الإرهابية من السيطرة على مناطق واسعة في هذا البلد الذي كان هو الشريك الحقيقي الوحيد في المنطقة في الحرب على الإرهاب خلال السنوات والعقود السابقة.