لا اعتراض من حيث المبدأ على قيام حكومة المرتزقة بصرف مرتبات جميع الموظفين العموميين، بل هذا ما كان يجب أن يلزمها به المجتمع الدولي الذي منحها الضوء الأخضر باتخاذ قرار نقل البنك المركزي في أكتوبر الماضي، وسمح لها منذ بدء الحرب بحرمان البنك المركزي من عائدات القطاع النفطي –المورد الرئيس للدولة- وعائدات كافة المؤسسات الإيرادية الأخرى في المناطق التي تسيطر عليها بما فيها ميناء اليمن الرئيس عدن، وميناء المكلا، والحصار العام، وقصف موانئ الحديدة والمخا والصليف من قبل طيران التحالف، وكذا المصانع والمزارع، وشل الاقتصاد تماماً، إضافة إلى منع عودة مئات المليارات من العملة المحلية إلى البنك المركزي في صنعاء وفروعه والبنوك التجارية في المحافظات التي لا تخضع لسيطرتهم، إن ما أدى إليه قرار نقل البنك من منع وصول الأربعمائة مليار ريال من روسيا إلى البنك وحل معضلة السيولة النقدية، وهو ما أدى إلى عجز البنك المركزي عن الاستمرار في صرف المرتبات وتوقفها تماماً منذ أربعة أشهر عانى فيها اليمنيون جهد البلاء، وتحمّلوا ما لا يستطيع شعب غيرهم تحمله، رافق ذلك تصعيد عسكري في الجبهات وحملة تحريض على الانفجار من الداخل والانهيار، سخر لها العدوان ومرتزقته كل وسائط الاتصال من وسائل الإعلام إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى وسائل الاتصالات والمواصلات العامة وأماكن التجمعات يزيد صداها كلما خوت البطون أكثر ويفتح الجوع لها كل يوم آذانا، وتفتح كل حالة فساد لها سبيلاً وتزيد باطلها قوة. تعهدت حكومة المرتزقة أكثر من مرة على لسان بن دغر وعلى لسان غيره بتسليم المرتبات كاملة تارة وجزءاً منها تارة، للمحافظات الجنوبية حينا وحيناً للمحافظات التي تسيطر عليها في الجنوب والشمال، ولكل المحافظاتاليمنية حيناً آخر، ثم صرفت مرتبات لبعض مقاتليها في بعض المحافظات وجمعت آخرين باسم الراتب للقتل بعمليات انتحارية، لكن تعهدها اليوم وإن جاء على لسان أحد الكاذبين في التعهدات السابقة يختلف عن ما مضى في أنه يأتي بعد وصول مائتي مليار من الشركة الروسية، وبأنه على عكس التعهدات السابقة حظي بترويج كبير من وسائل إعلام العدوان وليس فقط في المواقع الإلكترونية للمرتزقة، فهل يعني أن حكومة المرتزقة ستقوم حقيقة بصرف المرتبات؟ أم أن ما ورد في تصريح بن دغر بأنه قد تم صرف مرتبات أربعمائة ألف مدني وعسكري، يعني أن حكومته تنوي التهام المائتي مليار ريال التي وصلت؟ وهل سيتم الصرف لجميع المحافظات؟ وما جاء في تصريحه حول تسليم الإيرادات إلى عدن مجرد شرط روتيني أم أن حكومته ستتخذ من ذلك ذريعة لحرمان غالبية الموظفين في بعض المحافظات من مرتباتهم؟ ولو كان الأمر كذلك هل سيكون الحرمان والمنع على أساس شطري جنوب وشمال، أم سيتم الصرف للمناطق الخاضعة لسيطرة هادي وحكومته وحرمان المناطق الأخرى؟ وإذا لم يكن كذلك فكيف سيتم الصرف للجميع من مركزي عدن، بينما قاعدة البيانات كلها لا تزال في المقر الرئيس في صنعاء؟ أسئلة ربما ستجيب عليها الأيام القليلة القادمة، لكن قبل ذلك نحتاج أن نعرف كيف توقف صرف المرتبات؟ ولماذا؟ وهل حققت الغاية منها أم فشلت؟ وما الذي منع وصول الأموال من روسيا وحل أزمة السيولة النقدية؟ لماذا لم تسلم لحكومة المرتزقة منذ أربعة أشهر؟ ولماذا سلمت اليوم رغم أنه لم يحدث أي تغيير على صعيد الإجراءات والتقنيات والمراكز القانونية؟ وإذا كانت حكومة المرتزقة صاحبة الصفة في استلامها من الشركة الروسية فلماذا سلم لها النصف فقط وليس الأربعمائة مليار كاملة؟ وما علاقة ذلك بمشاريع التقسيم؟ ومستقبل الحرب الأهلية في اليمن؟ أسئلة كثيرة نحتاج للتفكير فيها وسنحاول الإجابة عنها في المقال القادم.