لخص الوزير السابق في الحكومة البريطانية، عضو مجلس العموم البريطاني أندرو ميتشل، نتائج زيارته إلى بلادنا على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار والبدء بمحادثات سعودية – يمنية مباشرة، وإعادة النظر في القرار الأممي 2216 وتمسك ميتشل في مقال كتبه لموقع (ميدل إيست آي) البريطاني أمس الثلاثاء بوجهة نظره التي كشفها قبل أيام، حول مصير الحرب المتواصلة على بلادنا بالنسبة للسعودية، ناصحاً إياها بالعمل الجاد لانتشال نفسها. وقال ميتشل "إن التحالف الذي تقوده السعودية مقدر له بالفشل وبشكل حتمي، وستهزمها القوات اليمنية الأصيلة والممتدة على أرض الواقع والمسيطرة على معظم المناطق". ميتشل الذي زار بلادنا الأسبوع الماضي كأول مسئول في الحكومة البريطانية يصل صنعاء منذ بدء العدوان، حذر من "تشويه صورة الحوثيين ووصفهم بأنهم بيادق إيرانية". نص المقال: يجب أن يكون هناك وقف إطلاق نار فوري ومحادثات سعودية-يمنية، وبريطانيا لا تزال محل احترام قوي في اليمن. لدى زيارتي إلى مدينة صعدة شمال غرب اليمن الأسبوع الماضي، كان الدمار في كل مكان. المسجد القديم في المدينة الذي يعود إلى 800 سنة - ليس شيعياً ولا سنياً - دمرته الغارات الجوية. المركز الإداري الذي يدير الحكم في المدنية، تحول بأكمله إلى ركام وأنقاض. قمت بزيارة إحدى المدارس الابتدائية حيث ترى التناقض المقلق للسياسة البريطانية في اليمن قد برز على الشاشة. وأظهر لي مدير المدرسة بقايا الذخائر البريطانية والأمريكية التي دمرت مدرسته. وبينما يتنقلون من خلال الأنقاض والذخائر العنقودية غير المنفجرة، هناك بعض السخرية من الفريق الذي يعمل على نزع هذه الذخائر يقودها ضابط في الجيش البريطاني السابق وبتمويل من دافعي الضرائب البريطانيين. ورغم فرش الأرض والخيام كفصول دراسية وكتب الدراسة المدفوعة إلى حد كبير من قبل دافعي الضرائب البريطانيين. لكن الأطفال لا يزالون صامدون بكل حزم ويرددون شعارات معادية للولايات المتحدة والسعودية، ما ولد جيل آخر من الكراهية اليوم بين الشباب اليمني. مررت بحذر شديد بالقرب من الأنقاض والبناء الذي سقط من جراء قصف المنزل بغارات جوية، والتقيت أحد الناجين الثلاثة من عائلة مكونة من 27 شخصا، كانوا لقوا حتفهم في الهجوم الجوي الأخير، حيث لم تكن الأسرة من النشطاء السياسيين بل مواطنين محليين. كما ترى الملصقات في جميع أنحاء المدينة باللغة العربية والإنجليزية "القنابل البريطانية والأمريكية تقتل الشعب اليمني". في مستشفى قريب، حيث منظمة أطباء بلا حدود سحبت طاقهما، بسبب المخاطر، قمت بزيارة جناح التعامل مع سوء التغذية - وبحكم تجربتي، فهي واحدة من أكثر المواقع رعباً يمكن للمرء زيارته. وهمس طبيب يعمل هناك بهدوء لي أن دافعي الضرائب البريطانيين هم من يمولون ذلك. لماذا حتماً سيفشل التحالف السعودي؟ الواقع غير المريح الذي نواجهه -نحن البريطانيين- هو أن: بريطانيا لا تزال محل احترام قوي في اليمن وبشكل مدهش. تقوم أوكسفام ومنظمة الأممالمتحدة بعمل إنساني استثنائي بتمويل من دافعي الضرائب البريطانيين. والواقع أن هذا النشاط هو جزء من الاستجابة على الحملة السلبية الحالية ضد المساعدات التي تشنها عناصر من وسائل الإعلام البريطانية. نحن ندعم المملكة العربية السعودية، حليفتنا الوثيقة، بحملة عسكرية. صحيح مما لا شك فيه أن السعودية لديها مصالحها الأمنية المشروعة والتي تتعرض لهجوم من اليمن. ولكن الحكومة السعودية وحلفاءها، بدعم من قرار الأممالمتحدة ومجلس الأمن 2216، حاصروا فعليا دولة ذات سيادة، جوا وبرا وبحرا. اليمنيون لا يتضورون جوعا بقدر ما يتم تجويعهم من التحالف السعودي وداعميه في المملكة المتحدة: مجاعة تلوح في الأفق. بالفعل الملايين من اليمنيين يواجهون الموت جوعا. وتقول الأممالمتحدة إن 86 % من السكان بحاجة إلى المساعدات الغذائية. من الحقائق غير المريحة بالنسبة لبريطانيا وأشدها صراحة، عندما ننظر إلى مدينة الحديدة، التي تقع على البحر الأحمر. وتستورد اليمن 90 % من احتياجاتها الغذائية. 80 %من جميع وارداتها تأتي إلى البلاد عن طريق الميناء. تسعى بريطانيا وخبراء من وزارة التنمية الدولية البريطانية (DFID)، سعيا حثيثا لإدخال الغذاء والأدوية، فضلا عن غيرها من المستلزمات الضرورية، إلى الحديدة. ولكن التحالف، الذي نحن جزء منه، قصف الميناء ودمر الرافعات الخمس التي هي ضرورية لتفريغ الشحن الذي يصل إلى هناك. مأساة السعوديين أنهم انتهجوا سياسة ستنهزم حتما الأهداف ذاتها التي تحاول تأمينها. لقد تعلمنا في بريطانيا، من الصعب جدا السيطرة على الأرض من الجو. ولذا فإن شهية أعضاء التحالف السعودي للانخراط في اليمن سوف تهزمها بشكل كبير القوات اليمنية الأصلية المتحدة على أرض الواقع، وتسيطر الآن على معظم أنحاء البلاد. في الواقع أن الرئيس المعتمد دوليا، عبدربه منصور هادي، هو الرئيس الوحيد الذي رأيته يقوم بزيارة رسمية لبلاده. يتنقل فقط بين فندق في الرياض وسفينة تابعة للبحرية الإماراتية قبالة سواحل عدن. في المقابل، قوات الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح التي تسيطر حالياً على العاصمة صنعاء، جلبت السلام والاستقرار إلى العاصمة صنعاء، وكسبت تأييد شعبي كبير كونها على الأقل عالجت مشكلة عناصر الفساد. ولذا يجب أن نكون حذرين من تشويه صورة الحوثيين، ووصفهم بأنهم بيادق إيرانية. فهم ليسوا كذلك. فالعنف الذي شاهدته بعيني في صنعاء جاء من الجوء، والقصف السعودي متواصل كل ليلة كنت هناك. أيا كان على صواب أو على خطأ في هذا الوضع، فإن التحالف السعودي مقدر له الفشل بشكل حتمي. دور بريطانيا إذن، ما الذي يجب عمله؟ نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار فوري ومحادثات سعودية يمنية. نحن بحاجة إلى بديل لقرار مجلس الأممالمتحدة 2216. وعلى بريطانيا أن تتولى ملف اليمن في الأممالمتحدة. بالطبع ستكون مهمة صعبة للغاية. ولكن في مناقشاتي مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وصالح الصماد رئيس المجلس السياسي ووزير خارجيتهما، هشام شرف عبدالله، قد خرجنا إلى نقطتين رئيسيتين: الأولى: هو أن التحالف الحوثي والمؤتمر الشعبي العام، على الرغم من الدعم البريطاني للموقف السعودي، سيقبل بريطانيا بترؤس وساطة، أي مفاوضات يمنية سعودية ضمن هيكل الأممالمتحدة. ثانيا: إذا كان هناك وقف لإطلاق النار فإن الحوثيين سيتعهدون بسحب قواتهم وأسلحتهم من المناطق الحدودية السعودية، وإقامة منطقة منزوعة السلاح على بعد 20 كيلومترا داخل اليمن. هل الحوثيون جادون في ذلك؟ يجب، على الأقل، اختبار صدقهم. وإذا تحقق وقف إطلاق النار بين السعودية واليمن، ستتبعها المهمة الصعبة وهي محادثات يمنية بين كل الأطراف.