ننتظر الأسبوع القادم انطلاقة الحوار الوطنيالذي يفترض أن يخرج منه اليمنيون بمصالحة وطنية ورؤية مشتركة للتعايش الآمن بينهم مستقبلاًيكفل الاستقرار في هذه البقعة الجغرافية، ويطمئن العالم على ما حولها من نفط وطرقملاحة، وذلك مرهون بإنجاز الحلول لثلاث قضايا رئيسية تتصدر جدول أعمال المؤتمر هي:القضية الجنوبية، قضية صعدة لتحقيق المصالحة الوطنية وتجاوز الماضي، ودستور مدنييحدد شكل الدولة ونظامها السياسي ويحمي الحقوق والحريات العامة، ويكفل المساواة وتكافؤالفرص لضمان التعايش الآمن. هناك متارس وفوهات مصوَّبة، وتخندقات مذهبية ومناطقية،وتجاذبات إقليمية ودولية، وانفلات أمني غير مسبوق، وفساد عام، واقتصاد منهار،وغياب شبه تام للدولة بكل قيمها ومحدداتها وأدائها، وأمام الحوار الوطني تحدٍّيتجاوز كل ذلك. الحوار الوطني هو الورقة الأخيرة التي ليسبعدها غير المعركة، فهل ما هو قائم يعكس الاستعداد الكافي لاستغلال هذه الفرصةوالاستفادة من ورقة الحوار؟ هناك بيانات أممية تتضامن مع وحدة اليمن وأمنهواستقراره ووعود مانحين بتقديم بضعة مليارات لدعم الاقتصاد اليمني، بشروط أقلهاإشراف السفير الأمريكي على وزارة الأوقاف، ومع هذا فالقليل وفى بالقليل من القليلالذي تعهد به، والقليل كالكثير لن يحقق شيئاً دون إرادة أطراف الحوار، بالأمس فشللقاء دبي مع جنوبيي الخارج وغاب عنه الممثلون الحقيقيون للشارع الجنوبي في الداخل،وبالمجمل لم تتخذ أي خطوة تهيئ الجنوب للدخول في الحوار وأنفق الوقت والجهد علىإقناع القادة التاريخيين في الخارج الذين لا أرضية لهم. أما حراك الداخل صاحب القرار الحقيقي، فقدأوكلت مهمة التحاور معهم إلى رجل من أقصى المغرب نزل ليهدد عاطلين عن العملبعقوبات اقتصادية من مجلس الأمن، لم يتم شيء من النقاط العشرين ولم تفعل لجنةمعالجة قضايا المبعدين والمتقاعدين والأراضي، ولم يطلق المعتقلون من أبناء الجنوب،لم يتول أحد مداواة جرحاهم ولا رعاية أسر قتلاهم وعلى العكس من ذلك اعتقل آخرونونزلت مليشيا الإصلاح للتعاون مع المحافظ على قتل جنوبيين جدد وجرح جدد. فهل ستحل القضية الجنوبية بالحوار مع وحيد رشيدوإنصاف مايو، وهل في رفع صورة الشيخ عبدالله حسين الأحمر رأب الصدع وترسيخ الوحدةالوطنية؟! الشيء الذي نجح فيه بن عمر في لقاء دبي مع قادةالجنوب السابقين هو تدويل القضية الجنوبية، وتجاهل أصحابها الجنوبيين، كما أن رفعأعلام الوحدة على جثث 15 قتيلاً ومائة جريح قد أضاف المترددين من أبناء الجنوب،وحتى الوحدويين إلى صف الانفصال. انعقادالحوار في عدن لن يحافظ على الوحدة ما لم يكن ممثلو الشارع الجنوبي الحقيقيونحاضرين فيه، ولن يحضروا إلا بعد تقديم بوادر حسن نوايا ومعالجات حقيقية لقضاياالمواطنين الجنوبيين وفق الإمكانات المتاحة. المطلوبهو الصدق في التعاطي مع المشكلة، وليس الالتفاف عليها. إنهوطن نخسره.. وإذا فشل الحوار في هذا فلن ينجح إلا في رفع شارة البدء بالمعركة.