من سيحاور من؟ ومن هم الجالسون على الطاولات، ومن يملي عليهم أساسيات الحوار؟ ومن يريد من اليمن أن تخرج من مشاكلها؟ مسرحية تراجيدية حقاً، هل سيصل المتحاورون الذين يشكلون جيلاً غير صالح للاستخدام، لنقاط اتفاق، وهم الوجوه نفسها التي تربعت على رأس السلطة من قبل، وهم من أوصلونا لما نحن عليه؟ هل يحتاج المسؤولون لهذا الحوار، لأنهم عجزوا عن إخراج اليمن من نكباته، لماذا إذن قبلوا أن يستلموا صلاحيات الحكم، سوى أنهم ممثلون يقومون بأدوار ليست لهم في الواقع؟ هل عجزت اللغة والمعاجم أن تحدد لأولئك المسؤولين أي معاناة تعانيها اليمن، وأي عجز نعكسه كقيادة عن احتواء قضايا الوطن؟ لا يشكل مؤتمر الحوار هذا بالنسبة لي سوى دروس خصوصية تتلقاها الحكومة حتى تستطيع أن تستوعب دورها، أو أنه فرصة لاستعراض القوى العتيقة دورها التاريخي، الذي زاد من نكباتنا الموجعة! هل يحتاج إنهاء الفساد لحوار مع أركان الفساد، أم يحتاج الجنوب لحوار وبيد الحكومة أن تنهي كل التعقيدات بمجرد إنعاش الجنوب وإعادة دوره القيادي، حكومة تضمن وقتاً فقط، حتى تصل لكيفية بقائها فترة أطول، لتقتل كل همة، وإرادة، لمن يريد أن ينهي هذا الحال الهزلي. حكومة مضحكة حقاً.. وشعب يتقبل كل ما يملى عليه، وهو لايفهم أن السلسلة التي ظن أنه يُكسّرها تعود لتتشكل من جديد تحت مسميات ديمقراطية، لتشديد الخناق على هذا الوطن الملقى جنوباً، ليكون بوابة فقط تتلقى الطرقات دون أن تُفتح، ويُرسم عليها نحتاً أزلياً يكمم أفواهنا، .. هنا بلاد الحكمة.. لا يُعبّر هذا المؤتمر الذي تم الإنفاق عليه بمليارات من الهبات إلا سد أفواه اليمنيين وتخديرهم، حتى لا يملك المعترض إلا أن يتنحى ليصبح متآمراً على مستقبل الوطن. ويموت صوت الشباب فوق الطاولات المدارة والمحاطة بلوبي كلنا نعرفه جيداً. رحم الله البردوني حين قال: ثُرتم وثُرنا، فلمّا نلتمُ وطراً هدأتمُ، وسهرنا نحن ثوارا.