ثلاثة أشهر المهلة التي أعطتها الحكومة السعودية للمغتربين اليمنيين هناك لإصلاح أوضاعهم، لا أدري هل يعتبر هذا تهديداً للمغتربين ليحزموا حقائبهم قبل ترحيلهم أم ماذا؟ لا أحد ينكر على السعودية الشقيقة حقها في تنظيم بلادها فيما تراه مناسباً.. وإن كان هناك من عتب فهو على الحكومة اليمنية التي تتساهل كثيراً في حقوق اليمانيين، فكان من المفترض بحكومتنا الموقرة أن تعمل على تأمين العمالة اليمنية بما يحفظ كرامتها في بلاد الاغتراب وخاصة السعودية الشقيقة التي يهفو إليها اليمانيون الذين تتوق أنفسهم للاستقرار الاقتصادي بعد أن فقدوه في بلادهم وضاقت بهم سبل الحياة فاضطروا مرغمين إلى ترك بلادهم سعياً وراء لقمة العيش وتأمين حياة كريمة لأهلهم وذويهم وهروباً من واقع اليمن المتشظي الذي يقمع أحلامهم ويقتل طموحاتهم.. وهناك شيء آخر يجعل اليمنيين أكثر ارتباطاً بالسعودية الشقيقة، هو الارتباط النفسي ومحبتهم لتلك الأرض التي ترك آباؤهم بصمتهم فيها، فاليمانيون هم من ساهم في بناء السعودية وعمارة البنى التحتية لها قبل أن تصبح أغنى دول الخليج العربي.. فهل يتذكر السعوديون ذلك؟ كان المفترض بالحكومة اليمنية أن تقف بحزم في وجه أية جهة تحاول امتهان اليمانيين والتعدي على كرامتهم، فالمغترب اليمني أعلى شأناً من أن يُمتهن أو يُذل، وهو ابن أقدم الحضارات والتاريخ الأصيل، فما بالكم اليوم وهو يتعرض للامتهان وشبابه يطارد ويلاحق ويقتل على الحدود، لا لذنب إلا لأنه يسعى لأن يعيش حياة كريمة هو وأسرته في بلد كان من المفترض أن يراعي علاقة الدم والدين والجوار. فإلى متى سيظل شبابنا رحالة مهاجرين يقرعون أبواب الدول الأخرى بحثاً عن حياة كريمة يعيشونها؟؟ وهل من لفتة عناية من الحكومة اليمنية بواقع المجتمع اليمني الاقتصادي الذي صار قاب قوسين أو أدنى من الفقر المدقع الذي جعل الكثير من أبناء الشعب اليمني يغامر بنفسه ويقطع المسافات عابراً حدود بلده هرباً من ضنك العيش إلى ذلِّ التعامل أو الموت على حدودها!! هل أعادت حكومتنا النظر في التخطيط لكيفية استيعاب أبناء الوطن وشبابه في مشاريع تنموية محلية تساهم في تحسين الواقع الاقتصادي المرير الذي يعيشونه، وتكفيهم مرارة المذلة في بلدان الآخرين؟؟ وهل استعدت بلادنا لمواجهة أزمة اقتصادية جديدة في حين تم ترحيل المغتربين هناك كما حدث في عام 90م.. عندها لا يسعنا إلا أن نقول: ارحبي يا جنازة فوق الأموات.