يبدو أنه لا بد لنا في اليمن من كهرباء بدون أبراج، ولا خطوط نقل، يعني كهرباء لا سلكية تبث عبر الأثير من المحطة الغازية في مأرب إلى المستهلكين مباشرة، والحكومة ينبغي أن تدرس هذه الفكرة ما دامت غير قادرة على كفِّ أيدي مخربي الكهرباء العظام. لا حل غير هذا.. ما دامت الحكومة تسكت عن عباقرة كهرباء اليمن أمثال الضمن أديسون، وكلفوت فولتا، وفارادي الحنق، ومقشد أمبير، ومدراج توماس، وأضرابهم الأمخاخ مبتكري رمي الخبطة، وقنص السلك، وخلع البرج، وكيف تطفي الجمهورية كلها خمسة أيام حسوما بخبطة أو رطلين ديناميت! لا حل غير هذا.. فما يحصل لنا من تعطيل مصانع وورش ومكاتب عمل ودكاكين وبيوت وتلفزيونات وحواسيب، لم يعد يُحتمل.. عشرة أوادم يضربون مصالح دولة وعشرين مليون مواطن، والحكومة غير قادرة على فعل شيء.. يوم تقطع الكهرباء بالطريقة النهمية، ويوم بالطريقة العبيدية، ويوم بالأسلوب الشبواني، ويوم بطريقة الدماشقة.. الصبح بالطريقة الكعلانية وبعد الظهر بالغيلانية ووقت الأصيل بالحويكية.. إلى متى يا خلق الله؟ نصدق أن الحكومة فاشلة، لكننا لا نعتقد أنها غير قادرة على فعل أمر سهل يمكن أن يقوم به عريف قرية، مثل إحضار مُعتدٍ إلى قسم شرطة.. وقد قلنا وقال غيرنا، إذا كان لأي عبقري أو هلفوت حق فواجب الحكومة توفيه حقه، وإذا كان صاحب مظلمة تنصفه قبل أن يقدم على سلوك عدواني، وإذا كان مبتزاً أو مدمنَ خبطات وقنص أسلاك وتحطيم أبراج تداوي إدمانه بالقانون.. لكن الحكومة لا فعلت هذا ولا ذاك. هل للحكومة مصلحة في ضرب الكهرباء؟ لا نعتقد ذلك، لكن من المهم أن نذكر بأن واحداً من مشايخ مأرب تكلم قبل أيام عن موظفين في الكهرباء، قال إنهم يحرضون رجال قبائل جهال على ضرب أبراج الكهرباء وخبط خطوط نقلها، لأن لهم مصلحة في ذلك.. بدلات تنقل وأجور إضافية ونفقات إصلاح وصيانة. بقي أن أقول إنه ما دام مخربو الكهرباء قد ابتكروا تلك الطرق والأدوات التي تضر بأمة كاملة، فمعنى هذا أنهم أذكياء، وبوسع الحكومة أن تحول اهتماماتهم وذكاءهم من فنون التخريب، إلى الإبداع الإيجابي، فلتذهب إليهم تحل مشكلاتهم، وتساعدهم على الاستقامة، والعاصي تعامله المعاملة التي توجبها القوانين، لا أزيد من ذلك ولا أنقص، وإلا تشوف واحد يخترع لنا كهرباء لا سلكية وترفع الموجات إلى السماء مسافة معبر جرمل.