اَتَصَلنّاَ بِالأمن وَجّاَء وَشَطّ مّعَ الشِيَخ حقَّنا وإلا قَكِنّا خَلاص ساَرِحِين سَارِحِين – كان هذا "مُسلح" في الباص يقهقه مع السائق عن مغامراتهم المسلحة وكيف كادوا أن يقتلوا جميعاً حين التقاء شيخين ذوي ثار في منطقة (الحوبان) تعز، وكاد شيخُهم يُهزم لولا أنهم اتصلوا بالأمن فجاء واصطف بجانبهم ودحروا قوات الشيخ الآخر .. تملكتني القشعريرة وأنا أسمعهم وشعرت أنهم يتحدثون عن حروب "الإسبارطيين" أو عن (حصار السبعين) و(غزو عدن) ..! منذ أيام في باص آخر ومن بين المركبات يُطِلُ شيخ بموكب من الخارجين عن القانون على عجلة من أمره تعوي أبواق سياراته ومسلحوه من كل نافذة يصرخون ويرشقون بالسباب سائقي الحافلات التي نستقلها نحن الطلاب والمعلمون ودكاترة الجامعات، ورجلُ المرور الذي ينتمي لثقافتنا لمؤسساتنا ومدنيتنا يوقف الخط ليدع الشيخ الأرعن يمر بل ويُلقي عليه التحية العسكرية. الشُرطة ليست في خدمة الشعب، ببساطة الشُرطة ليست جهاز الأمن ذاك الذي مهمته توفير الأمن وحماية المواطنين والأملاك الخاصة والعامة في حدود الدولة..بل جهاز تُديره السُلطة (مراكز القوى) لحماية مصالحها التي هي ملك الشعب وتم الاستيلاء عليها . التصالح مع الواقع خيانة وجرم أن نوهم أنفسنا أن الشُرطة في ماهيتها الحالية في خدمه الشعب حتى وإن كان رجال الأمن يشعرون أنه يفترض أن يكونوا في خدمة الدولة والشعب إلا أنهم ليسوا كذالك، إن ذلك الشيخ الذي يُلقي عليه الجندي التحية العسكرية لا يُهم إلى أي حزب أو طائفة ينتمي، فالجندي ينحني له لأنه شيخ.. لأنهُ لا ينتمي للطبقة الدنيا من الشعب، وبإمكانه أن يُحاصر معسكراً بكامله، أو أن يوظف مُسلحيه في وزارة الثقافة. كما أنه ليس من المُهم إلى أي فرقة وتسمية ينتمي هذا الجندي، هذا الجندي الذي تنفق عليه الدولة من الضرائب التي ندفعها نحن يُصوب بنادقه تجاهنا ويُطالب ب"أُجرة" لو طلبنا منه أن يُلقي القبض على لص أو قاتل أو أن يوصل المُتهمين لقسم الشُرطة.. ففي النهاية هناك طبقتان: الدولة بمفهومها العلمي وشعبها الذي يلتمس القانون وهي الطبقة المسحوقة، والطبقة الأُخرى طبقة ما فوق الدولة: الشيوخ والمجاهدون والسياسيون والجنرالات وكبار المُلاك والتُجار(النهابون)، وهم منظومة الفساد التي تستغل الشعب والتي انتفض الشعب في 11" فبراير" ضدها ولم يمسسها بسوء .. ويبدوا أن الشرطة في خدمه طبقة ما فوق الدولة والخارجين عن القانون، ولو رددت النشيد الوطني كل صباح.