لو استمع الإخوان المسلمون في مصر للنصيحة التي قدمها لهم رجب أردوغان رئيس الوزراء وحزب العدالة في تركيا لما لحقت بهم الهزيمة الماحقة.. قال لهم وهم لا يزالون في البداية، اعملوا على وضع دستور يقوم على مبادئ العلمانية، كما هو حالنا في تركيا.. لم يأخذوا بالنصيحة، وراحوا يتخبطون ويخاصمون ويكفرون ويستبعدون ويكرسون التخلف، وكان من الطبيعي أن يفشلوا، ويروحوا صفر اليدين. الإخوان المسلمون في اليمن غاضبون وحزينون لنكسة الجماعة الأم، تلحظ في كلامهم مرارة، وكأن القضية طرد من جنة النعيم، وليس قلع رئيس الجماعة وحكومة الجماعة بثورة شعبية لا مثيل لها في تاريخ الأمم. علامَ الحزن؟ على النموذج الإسلامي الخائب.. تحرروا من أسر الطاعة والولاء العمياوين للجماعة، وجربوا التفكير المستقل، وخذوا قلما وورقة وسجلوا الإنجازات التي فعلها رئيس الجماعة وحكومة الجماعة في مصر خلال سنة. سنة كاملة مشغولين بمحاصرة المحكمة الدستورية، ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي، ونقابة الفنانين، مشغولين بآثار مصر هل هذه الأصنام تحطم اليوم أم بعد التمكين، مشغولين بقذف المحصنين والمحصنات، عادل إمام عاشر يسرا، وإلهام شاهين زانية، والآثاث الموجودة في ضريح جمال عبدالناصر مدري مالها، وشغلوا أنفسهم بفتاوى تكفير وقتل المتظاهرين، يا مرسي اقتلهم، يا مرسي طبق عليهم حد الحرابة، يا مرسي اضرب الصليبيين.. مشغولين بخصال الرئيس التي لا تعني الناس في شيء، مرسي قدر من الله اختاره الله، مرسي مسلم ملتح، يخطب في المساجد، ويصلي الصبح جماعة، مرسي مثل نبي الله يوسف كلاهما خرجا من السجن إلى كرسي الإمارة، سبحان الذي جعل لنا رئيساً بلحية، الصالحون شافوا مرسي بالمنام، الرسول قدم مرسي ليأتم به في الصلاة، مرسي راجل بتاع ربنا، مرسي سيدخل أقباط مصر الإسلام على يديه. ما الذي صنعه هذا النموذج زيادة على ما سبق، سوى الفقر، وتقييد الحريات الفكرية والإعلامية، وإنزال الجنيه إلى أسفل سافلين، وفقد الأمن، وتحويل مصر إلى ملاذ آمن للإرهابيين، وتقسيم المجتمع؟. لقد تصرف الإخوان المسلمون وهم في السلطة نفس تصرفهم خارج السلطة، علاقتهم بالآخرين قائمة على عقيدة العصابات.. الولاء والبراء، نوالي بعضنا، ونعادي المختلفين عنا، ولما تولوا السلطة ظلوا متمسكين بهذه العقيدة، فوقعوا في خصومة مع المجتمع.. رئيس الجماعة يتعامل مع الآخرين المختلفين معه ومع الجماعة بوصفهم ليسوا منا، وكذلك رئيس وزراء الجماعة ووزير الجماعة.. لقد أنجزوا كل ذلك وختموه بالقتل وروحوا.