وأخيرا طويت صفحة عام 2019 لكن أثاره واحزانه والأوجاع النفسية والمعنوية لم تطوى بعد ؛ فقد اصبحت متجذرة في القلوب ، قدم وغادر ونحن نحلم بزيارة الأهل والأصدقاء ، مرت أيامه ولياليه ونحن نسامر الذكريات تسكننا الأهات والتنهيدات و المواجع ، كان عام التشرد والنزوح والأحزان ، فقد مضى ونحن غرباء بعيدين عن منازلنا نعيش أيام وليالي العذاب والقهر داخل وطننا . ما أقسى أن يمضي عام وانت بعيدا عن اهلك ولم ترى منزلك ، والأقسى أن يصاب والدك بمرض عضال ولم تتمكن من زيارته وينتقل إلى رحمة الله دون أن تراه أو حتى تشارك في جنازته . مضى عام ونحن نعيش التشرد والنزوح لنصف عام قسرياً بعيداً عن والدنا وأولادنا وأحبابانا ، مضى عام لا تعرف فيه سعادة أو فرح ، فقد غادر الدنيا الكثير ممن تحبهم وبقينا نعيش الحزن ونطفي نار القهر بالدموع ، نزوح وقهر لا يعرف الأخرين بمرارتها الإ من عاشها وإنغمس في غمارها ، بداخلنا سيل من الأوجاع المتراكمة والقساوة ممن تحبهم كانت أشد مضاضه . تشعر في بلدك إنك تعيش غريباً وكل طرف يتحدث عن الإنسانية ويقدح بالأخر فيما الجميع لا تجد فيهم رحمة أو شفقة ، فقد شنق الضمير وذبحت الإنسانية من قاموسهم وأختفى من كنت تتصور أنهم المرجع والملاذ ، لكن الأيام الحبلى بالمواجع تتعلم منها الكثير واكتشفنا أسرار ملائكة البشر وأشباة البشر وجعلت بداخلنا براكين تحرق من ماتت ضمائرهم من قاموسنا وتفتح نوافذ قلوبنا ممن لم يتخلو عنا في النوائب والصعاب. بصدق لم أجد عاما حزيناً وقاسياً في سنين عمري كهذا فهو بالنسبة لي عام الحزن والوجع الأعظم فقد فقدت نور عيني وسندي وكل سعادتي فبعد رحيل إبي لا طعم ولا نكهة للحياة ، أكتويت وجلدتني أسواط الحزن مرات ، كيف لا وأنا لم أراه ، مات الجار ورحل الصديق وإبتعدت عن الأخ ومن لهم في قلبي مكان . نقلنا الأسرة إلى عدن لكن قدرنا أن ينفجر الوضع ونبدأ رحلة نزوح وتشرد أخرى ، يغادر الأولاد والدموع تسيل من عيونهم تاركين والدهم ، لنلتقي بعد شهور مضت بنزوح آخر ، تاركين أهلنا ومنازلنا مهجورة وكل من نحب . مضى عام 2019 ونحن في غربة بداخل الوطن ، نقاط وحواجز تمنعك دون معرفة الأسباب سوى تصنيفك إنك مع هذا أو ذاك ، مضى عام واحزانه عالقة في القلوب ، وهناك من يتلذذون بمعاناة الشعب ولايريدون للحرب اللعينة ان تتوقف فهي تجارة مربحة لهم ، أكلوا الحلال مع الحرام ، وينادون ويوعظون للقتل والتنكيل ليل نهار ، دون الخوف من الخالق. ننتظر بأمل وتفاؤل العام القادم وحلمنا فيه أن يكون عام خير وحب وسلام وتعايش وأخاء ، عام تحضر فيه ثقافة السلام وتختفي ثقافة الكراهية والقتل ، عام يقود الوطن فيه الأبرار ويختفي فيه من قضوا على السيادة الوطنية و صنعوا القتل والنزوح والتشرد ، عام يضع السلاح جانباً ويبدأ الجميع بالتنمية والإعمار ، عام يتصافح اليمنيين وتجرف النقاط والحواجز ، ويتجه الشباب الى المدارس والجامعات والقرأه والإطلاع. عام تستبدل فيه زوامل الموت ، بالفن والتراث الأصيل. عام يكنس فيه كل من كانوا سبب القتل و الخراب والدمار ، ويجرف دعاة الفساد والإستبداد و من يقتلون بإسم الله . عام الخوف من الله والإبتعاد عن ما يغضبة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.