لنبدأ لفهم ثورة فبراير عام 2011 من حدث مشابه وعجيب وغريب نطلق عليه ثورة مارس عام 1848 . حاول الناس البسطاء في وسط اوروبا الإطاحة بالحكام الاسري الملكي في الولايات الألمانية بسبب ان حالتهم كانت من سيء الى اسوء. ولقد تخندق الكل من فئات الشعب في ربيع اوروبي مشابه الربيع العربي ونجحوا، وتم وضع أول دستور ديمقراطي ألماني بعد حوار. بالإضافة إلى تشكيل اول احزاب سياسية تمثل مصالح مختلفة للطبقات المختلفة، ومع ذلك، فشلت الثورة بعد عام فقط وفشل كارثي برغم انهم قد اختاروا لهم حتى ممثلين، وخطوا اسس للديمقراطية وانكتب دستور، والسبب المصالح المختلفة للثوار ومراض الزعامة من ناحية، وترصد النبلاء والامراء من ناحية ثانيه، والذين استطاعوا استعادة قوتهم بتناقض مشاريع الثوار، وحتى فهمهم لوحدة المجتمع الالماني، ومفهوم القومية، وايضا احوال الناس صارت اكثر سوء، واحدكم سوف يقول غريب التشابه. والاجابة نعم ولنفهم اكثر نرجع قليل لسؤال، لماذا حدثت ثورة في وسط اوروبا على الإطلاق؟ والاجابة بتبسيط الامر يشبه ثورة فبراير في اليمن فقد كان هناك سببان لثورة مارس في وسط اوروبا، فقد كان ربيع عربي عندهم، ورأى الناس كيف أطاحت الثورة الفرنسية في فرنسا بالحكومة. وقد منحهم ذلك الشجاعة لبدء انتفاضتهم الخاصة ضد الانظمة الدكتاتورية، ومن ناحية أخرى، كان الناس غير راضين للغاية عن سياسات حكم الاسر في الولايات الألمانية. وطالبوا بحكومة منتخبة فعليا ومشتركة. والمزيد من المواطنين كانوا يريدون المزيد من الحقوق والحريات الديمقراطية - تمامًا كما اقول. وكانت الناس تنظر ان الحكام لم يهتموا بمشاكل الشعب. ولوجود المزيد والمزيد من المشكلات، انضمت كل الطبقات الاجتماعية الى المواطنين المحتجين، فالمزارعين غير راضين بسبب سوء المواسم وقتها وعمال المصانع كانوا يعيشون في أحياء فقيرة أكثر فقرًا وهكذا. وطالب الجميع بظروف معيشية أفضل اقلها. وحلمت الناس ان الثوار سوف يصنعون للشعب الجنة في الارض. وتوفرت كل عناصر النجاح للثورة وتشكلت ثلاث مجموعات رئيسية وهم المحافظين، الديموقراطيون والليبرالي والى هنا نقول نجحت ثورة مارس وماشبه ذلك بثورة فبراير عندنا. لكن كيف تقول فشلت؟ والاجابة الان في الباقي فقد ولدت فكرة فجرت الثورة والثوار من الداخل، والسبب قلة العقل بينهم، وتصد الملوك والامراء لهم. فهذه المجموعات الثلاث من الثوار كانت لها أهداف مختلفة تمامًا، ولهذا السبب لم يتمكنوا من الاتفاق في البداية، وتنفيذ التغييرات ببطء شديد حتى لاتتشكل ثورة مضدة. وبينما هم الثوار في "موفنبيك حقهم" اقصد في الكنيسة في فرانكفورت كمقر للحوار منشغلين في حوار ليس ضروري، كان هناك طرفين يجهزون انفسهم لاستعادة الامور من يد الثوار، وانتهزت ولاياتين من دول الاتحاد الألماني، وهما بروسيا والنمسا، الفرصة فقد تمكنوا بجيوشهم من استعادة السلطة السياسية في مناطقهم، وتشرد الثوار والتنكيل بهم، ولم يتعاطف احد مع الثوار. وكانت هزيمة مريرة للثوار ولم يتمكنوا من تنفيذ اي شيء، ولم يكن ذلك بسبب عدم امتلاك الثوار جيش للمساعدة في تنفيذ مخرجات حوارهم. ولكن ايضا لان الليبراليين البرجوازيين فقدوا دعم الفلاحين والعمال ايضا، والسبب الثوار بحثوا عن مصالحهم، ولم يكونوا مهتمين بمشاكلهم الاجتماعية. ولتسهيل الفكرة للكل اعتبروني الان امامكم مواطن جائع خائف في صنعاء او تعز، اعطي نفسي الحق في ابراز واقعي الان كيمني كحيان على قولتكم. نحن نعمل دون منهج، ودون مثالية، ودون كفاءات، كقاعدة صلبة لاي مشروع يتوسع وانظروا حولنا، اذ لم نفلح بادارة مؤسسات دولة بسيطة. لم نطلب من احد يهدم شكلها الدستوري في فبراير كون مشكلتنا كانت تتجسد في فساد وتوريث واسرة، واذا بنا نقفز الى مشروع دولة مركبة معقدة فتحت ابواب متعددة وتدخلات خارجية دون فهم او دراية، وجعلنا حتى شكل الدولة، وثوابتها، ووحدتها محل نقاش، ولذا خندقت الكثير ضد فبراير، فكانت النتيجة تكاتف لثورة مضادة، وانقلاب اقلها واقول اقلها ينعكس امامنا اليوم ان مؤسسات الدولة البسيطة اصابها شلل، وصارت تعمل ضد بعضها مثل البنك المركزي في صنعاءوعدن، وتم تدمير بعضها باسم سلطة صنعاء، والشرعية، والجنوب العربي، وصار معنا حتى الصحف وقنوات التلفاز ازواج خلخلت المجتمع. لم تبتني مؤسسة بسيطة في الدولة المركبة لاسيما مع انعدام القيادة المثالية، التي تخاطب الشعب بشكل مستمر، و اذا استمر الحال حتى نشاهد اثر بنفس الفكر، والقيادة فنحتاج عقود، اي لن اعيش لوقتها انا كمواطن يمني كحيان على قولتنا، واكن بذلك اضعت عمري في معتركات عبثية لم تسهل حياتي، وانما عقدتها وجعلتها اكثر ضنك وهم. ثانيا خرج الناس في فبراير بسبب الفساد والتوريث واهدار ثروات ومقدرات وفرص البلد في هذه الالفية، فهل تحقق ذلك بعد 11 سنة او تحقق حتى 20 في المائة ؟ وبالنظر الى اليوم اجد فساد متشعب اينما انظر حتى في توزيع الوظائف، والمرتبات، والرتب العسكرية وسلات الغذاء، وحتى المنظمات الدولية صارت فاسدة من معاشرتها لنا في بلد لا توجد سلطة للرقابة والدولة فيها. واجد حكم الاسرة عاد لمفاصل الدولة بشكل اخر وغير محترف، كان في سلطة الانقلاب او الشرعية، وانظر حتى للجيش فكل قائد جمع ابناء منطقته في لواء كامل، وهكذا حتى السفارات، اي هنا لدينا اشكالية اكثر تعقيد عنما قبل. اما عن الفرص والامكانيات فاجد ان خسائر اليمن المادية منذ سبتمبر 2014 ارقام فلكية اقلها ليس أقل من 126 مليار دولار في الدخل القومي كان يمكن منها ان تذهب لبناء الانسان بالاضافة الى خسارة اليمن فرص مثل 8 مليار دولار وربع كانت تعهدات المانحين، وزيد عن ذلك خسارتها ان تكون في برامج الدعم الدولية التنموية المختلفة، اي نتحدث عن خسارة تتجاوز 20 مليار و500 مليون اقلها, وخسارتها تصنيفها الائتماني، وايضا ارتفاع قيمة خدمة الديون وتوقف عجلة الانتاج النفطي والغازي، والضرائب او اقلها لا نعرف اين عائدتهم. ايضا لا يهمني تفسيرك العاطفي من هو السبب، كون الامر هنا اخفاق تنموي واداري، يجب ان نبحث عن حل له لكي لا يتمدد اكثر. وازيدك من الشعر بيت، انه محزن ان كل السلاح اليمني المكدس والصواريخ البالستية استخدمت لقتل اليمنيين من فصيل كان في الساحات او من فصيل اخر يدعي انه كان مظلوم، ويريد يسترجع دولة، اي حتى لا اخلاقيات حرب ولا ثوار لم توجد في مجتمع متعصب مناطقي وسلالي، اي لم يمت غير اليمنيين الى الان. وحتى جيشها، الذي ارهق الدولة بميزانيات فلكية في 3 عقود تحول الى جيش يقتل فقط يمنيين، ولم يكن جيش محترف فقد خسر السيطرة على البلد وحدودها امام التحالف خلال 15 دقيقة فقط ولا يهمني الان التفسير والتعليل، اي فشل عسكري معقد لاسيما لم يتضح لهم اننا ابناء وطن واحد لا يجب ان نصوب البنادق لصدور بعض. واجد ان بلدي مصادرة السيادة فيها ويتحكم الخارج في حدودها ومنافذها وسياستها ومؤسساتها وحتى في المحافل الدولية لا اجد لها منهج، اي فشل سياسي اثبت للعالم اننا كقيادات لم ننضج. ثالثا عندما انظر للجامعات فاجد اكثر من 5 الف دكتور يمني استقر في الخليج بعد فبراير، اي هجرة للعقول، اي لم نحاول نحيد التعليم من عبثنا و ارتجالنا المستمر، وهذا يعني فشل تعليمي. واجد مليارات انفقت في تملك شقق ومشاريع مختلفة في القاهرة ولبنان وتركيا وغيرها، اي رأس المال اليمني نزح، ولو فكرت بصاحبي، الذي كان متيسر الحال ويحتكم الى المال، فسوف يقول انه باع بيوته ليستمر، وان مدخراته ومدخرات الغلابة من الطبقة المتوسطة هلك من الوضع، وتحول 90 في المائة من هذه الشريحة إلى طبقة الفقراء ومنتظرين سلات المعونات بعد ان اهدرت كرامة مجتمع، وهذا يعني فشل اقتصادي ومجتمعي وتخطيطي اخفقنا في ايجاد منطقة يمنية آمنة له. وترافقني مسلسل الاغتيالات بالجملة وبشكل متكرر، ووصول عدد القتلى ليس اقل من 370 الف قتيل بشكل مباشر في الحرب العبثية وغير مباشر بسبب الفقر و الامراض والمجاعة. ولو نظرت لجاري لقال ابنه معتقل، واخر بيته تحت سيطرة مجموعة تستقوي بالسلاح، وفي السويد كان الحديث عن 8 الف معتقل وبشكل مخزي اي لم يسجل التاريخ ان ابناء اليمن بهذا الكم في المعتقلات اي فشل ديني واخلاقي. نتحرك في حياتنا دون منهج غير مغامرات لا نحسب اثرها. رابعا اخي لازلنا نكابر ونتألم بصمت، فهل تعرف ان الراتب توقف منذ اكثر من سنوات دون ضرورة لذلك برغم توفر المال لدفع ذلك وعدم جدوى استخدام ذلك كسلاح، وانه تم اغلاق المطارات وتحديد من يدخل ويخرج من قبل قوات التحالف، وصرت انت وانا مصنف اصلاحي اخواني او حوثي ايراني او انفصالي او دحباشي وفي احسن تصنيف مرتزق؟ اخي هل تعلم ان تذكرة السفر من القاهرة الى صنعاء توزي قيمة تذكرة من دبي الى واشنطن وهل جربت تسافر من صنعاء الى عدن ب 18 الى 36 ساعة و هل نظرت الى تعز المحاصرة من مليشيات وظهور بجانب مليشيات الانقلاب احزمة امنية وقوات لا تتبع الشرعية ومهمتها اذلال اليمني الاخر، جعلت في المحصلة الرحلة لك وكانك تخترق 3 دول، وكل ذلك مفروض علينا كما تقول و ضرورة، لكن ما ضرورة ظهور طبقة انتهازية في مؤسسات الشرعية لا يعملون بنظام مؤسسة وليس لديهم كفاءات تذكر، وهم في الفنادق ولم يهتموا الا بتوظيف أبنائهم وزوجاتهم وشراء شقق في القاهرة وتركيا وغيرها، وحتى المنح لا توزع الا لهم و ليس لابناء الشهداء مثلا. لم افهم، لماذا يجب ان احتفل واليمن تحت البند السابع وخروجها منه يحتاج لمعجزة؟ وهل احتفل لان اليمني صار لاجيء فقط في الصومال كون غيرها لم يقبله، ومن تعاسة حظه ان الجزائري في مشاكله في 1990 وجد منفذ لاوروبا، والافغاني والبناني، والعراقي وحتى السوري. واخيرا اخي و اختي، اذا كنت تريد الحل، فيجب ان نتفق ان هناك من خرج في فبراير من اجل يكون هناك دولة لا نخجل بها تكبر بنا ونكبر بها بين الامم، وليس من اجل انتقام او قتل، استشهد من استشهد وضحَّى من ضحَّى نذكرهم ونحزن. اخي واختي اليمن تحتاج مكنسة تكنس اكبر شخص الى اصغر شخص في الدولة لا يفكر الا بذاته واسرته وينظر لها كغنيمة. اليمن الان لا تحتاج ساحات ولا خطاب ولا تفسير ثوري كفبراير ولا تنظير كون ذلك مرحلة افرزت اسوء ما فينا الى مقدمة المشهد والسبب انعدام الحامل الفكري والقاعدة الصلبة للثورة . اليمن لا تحتاج اليوم زعيم وانما تحتاج عمل مؤسسي بقاعدة صلبة, اليمن تحتاج الان تيار توافق وطني كطريق ثوري جديد. تيار يمثل القواسم المشتركة للاحزاب و الجماعات اليمنية المختلفة في فلسفتها واهدافها بمفوهمها الشامل لبناء الدولة اليمنية. تيار ينطلق من مضمون سياسي يكرس اغلاق ملفات الحرب والصراع والانطلاق بعدها الى المصالحة والتعايش وثم التنمية داخل المجتمع اليمني المختلف التوجهات والمذاهب والاحزاب. تيار يكون الثابت له أن جوهر المصالحة هو القبول بوجود الآخر كمكمل للنسيج و الهوية اليمنية. تيار توافق وطني حر يجب ان يكون الوريث الشرعي لطموحات اليمنيين بعد ان اخفق الكل كمحرك مجتمعي لايجاد حلول عاجلة للمعضلات الاجتماعية المتراكمية من قبل الحرب وما افرزته الحرب تمثلت في انتشار الازمات والصراعات جعلت استقرار الدولة معضلة ودفعت بالكثير الى الارتهان والاحتراب والاغتراب، فصارت حياة اليمني ومجتمعه اشكالية معقدة تمثلت في انتشار البطالة وانهيار الدولة كمؤسسات وتوقف ايجاد حلول لها مع انتشار ظاهرة الفساد وأزمة السكن و انتشار الجهل والسلاح، وحتى تعثر آلة التنمية والانتاج البسيطة مما جعلت البلد ارض خصبة لانتشار الجماعات المسلحة المختلفة، التي لا تزعز استقرار اليمن والمنطقة فحسب وانما تحول حياة اليمني الى اشكالية يعاني هو منها وتقف بشدة ضد تشكل الدولة اليمنية كما نحلم.