أبوعبيده: جنائز وجثث جنود العدو ستصبح حدثاً دائماً بإذن الله    - *القيادات الإيرانية "تعود من الموت".. وإسرائيل تتخبّط وسط اختراقات أمنية وخلايا تتبع لطهران*    الجنوب ينتصر بصبر شعبه وصمود وتضحيات ابطال قواته المسلحة    العدوان الصهيوني على ايران .. الاهداف والنتائج ومآلات حرب الاثنى عشر يوما ( 1- 2 )    اجتماع برئاسة مفتاح لمناقشة أوضاع السكن الجامعي في جامعة صنعاء    جيش العدو يقر: كمين خانيونس نفذه مقاتل فلسطيني واحد قتل 7 جنود ..فيديو    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    تعز.. مليشيا الحوثي تشن هجوماً على قرية في ماوية وتختطف عدداً من المواطنين    مجلس الوزراء يقر استراتيجية الدين العام وإجراءات لمعالجة أزمة الخدمات    حضرموت تشهد إشهار جمعية مهنية جديدة للسياحة والسفر    على خطى الريال.. برشلونة يقترب من صفقة مميزة    جنوب أفريقيا توقع اتفاق قرض ب1.5 مليار دولار مع البنك الدولي    لاعب ليفربول الإنجليزي السابق لالانا يعلن اعتزاله كرة القدم    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    استشهاد امرأة برصاص قناصة مليشيا الحوثي غربي تعز    مليشيا الحوثي تشن حملة اختطافات واسعة في محافظة إب    النصر يتخلَّى عن مدربه الإيطالي ستيفانو بيولي    "DF-41".. صاروخ صيني يربك الحسابات الأمريكية    الثعابين تغزو عدن    برشلونة يعلن موعد العودة إلى كامب نو    مصر تمنح 6 مناطق لشركات عالمية للتنقيب عن الغاز    ضمن خططه الاستراتيجية لتطوير كرة القدم النسائية.. "كاترينا فاليدا" تقود أخضر الناشئات    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    مناقشة مستوى أداء مكتب هيئة الأوقاف بمدينة البيضاء    رفع السيارات المتهالكة من شوارع الأمانة    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    طارق سلام:عدن تعيش حالة عبث غير مبرر    فلامنجو يفرض التعادل على لوس أنجليس    90 مليونا.. بطاقة خروج رودريجو من الريال    كيف تمكن الموساد من اختراق ايران ..والى أي مستوى وصل    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    تفاصيل إخماد تمرد في معسكر القوات الخاصة بلحج    الجنوب.. الحوثي والشرعية وما بعد تأثير إيران    بلاغ للزبيدي.. أعداء الجنوب الأمنيون يتسللون إلى معاشيق بأوامر العليمي غير المعلنة    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بإعداد خطة عسكرية ضد "انصارالله"    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولاية علي بن أبي طالب بين تزوير الإمامة والحقيقة التاريخية (11)
نشر في يمن فويس يوم 30 - 07 - 2022

أهم المآخذ على علي وموقفه من قتلة عثمان من خلال مراجعة وقراءة خلافة علي وصراعه مع معاوية - رضي الله عنهما-، سنجد أن أهم المآخذ التي أخذت على علي بن أبي طالب هي موقفه من قتلة عثمان، وقد زيد في هذه القصة ونقص، وزور واتخذت ذريعة لمحاربته ورفض خلافته، فمن الروايات من أوردت أن علياً لم يفعل شيئاً حيال مقتل عثمان، وبعض الروايات -على قلتها- برأته من ذلك المأخذ، وسنسرد لذلك العديد من الشواهد والروايات التاريخية. فمن يحتج على علي بعدم تسليمه قتلة عثمان فإن علياً كان يلعنهم ولم يكن باستطاعته الإحاطة بهم وتسليمهم، ولمن كان سيسلمهم أصلاً وهو الوالي وجهة الاختصاص، الذي يقول أولاً بإقامة الدولة ثم محاكمتهم، فقد كانوا آلافاً مؤلفة وليسوا بضعة نفر، وكانوا محتلين للمدينة وجيش المسلمين في الثغور، ولذلك في بداية عهده لم يكن باستطاعته الاقتصاص منهم حتى يقيم الدولة، ولما بدأ علي بتأليف الناس حوله وإقناع من خرج للمطالبة بدم عثمان بالتريث قليلاً خشي أولئك من اصطلاح علي والزبير وعائشة فيكونون عليهم صفاً واحداً فدبروا الفتنة واقتتال الطرفين في موقعة الجمل، وهكذا كلما كانت الفتنة توشك على الانقضاء تتجدد وتتمادى. هناك روايات متعددة من موقف علي من حصار وقتل عثمان، الرواية الأولى تقول إن علياً ناصر عثمان، وأمر ابنه الحسن الذهاب إلى دار عثمان ومناصرته. قال ابن الأثير: "قيل فلما حُصر عثمان قال علي لطلحة بن عبيدالله أنشدك الله أن ترد الناس عن عثمان. قال: لا والله حتى تعطيني بنو أمية الحق من أنفسها"( ). تذكر بعض الروايات أن علياً دفع ابنه الحسن إلى دار عثمان للدفاع عنه بمعية عبدالله بن الزبير والمغيرة بن الأخنس بن شريق ومحمد بن طلحة بن عبيدالله ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وعبدالله بن سلام. فقد ذكر ابن الجوزي أنه لما رأى القوم المحاصرون عثمان "أن الناس قد ثابوا إلى عثمان وضعوا على علي بن أبي طالب رقيباً في نفر فلازمه، وكان رقيبه خالد بن ملجم، وعلى طلحة رقيباً فلازمه، ورقيبه سودان بن حمران، وعلى الزبير رقيباً فلازمه، ورقيبه قتيرة، وعلى نفر بالمدينة، وقالوا لهم: إن تحركوا فاقتلوهم، فلما لم يستطع هؤلاء النفر غشيان عثمان بعثوا أبناءهم إلى عثمان، فأقبل الحسن بن علي فقال له: مرنا بأمرك، فقال يابن أخي: أوصيك بما أوصي به نفسي، واصبر وما صبرك إلا بالله، وجاء ابن الزبير فقال له مثل ذلك، وجاء محمد بن طلحة فقال له مثل ذلك"( ).
وتقول بعض الروايات إنه كان في دار عثمان حوالي سبعمائة للذود عنه، ولكن هذا الأمر لا يستقيم عقلاً ولا منطقاً؛ فالدار لا تتسع لهذا العدد من الناس، وكذلك فإن عثمان - رضي الله عنه- كان قد أمر الناس أن يتفرقوا عنه ولا يقاتلوا عنه ولا يحب أن تراق دماء المسلمين فيه، كما تقول بعض الروايات الأخرى، بينما هناك أيضاً أكثر من رواية أنه استنصر بولاته في الشام والعراق كمعاوية والقعقاع وغيرهما، وثالثاً كيف يخلص إليه أربعة أشخاص أو خمسة أو ستة من بين كل أولئك المدافعين عنه السبعمائة في البيت ليقتلوه فقتلوه ولم يكن مدافعاً عنه في بعض الروايات إلا اثنين من مواليه كان قد أعتقهما، فلما طعن جبلة المصري عثمان وثب عليه أحد الموالي فقتله، فقام قتيرة فقتل العبد، فقام العبد الثاني فقتل قتيرة وبعد ذلك تجمع عليه أولئك النفر في بيته وقتلوه وما بقي به من رمق!
وقبل مقتله - رضي الله عنه- قال للحسن بن علي: "إن أباك الآن لفي أمر عظيم من أمرك، فأقسمت عليك لما خرجت إليه"، فتقدموا ولم يسمعوا قوله وخرجوا يقاتلون عنه. فخرج الحسن بن علي يقاتل (بعد المغيرة بن الأخنس) وهو يقول:
لا دينهم ديني ولا أنا منهمُ حتى أسير إلى طمار شمام( )
أورد الطبري بعض الروايات التي تقول إن علياً وقف مع عثمان موقفاً مشرفاً واستعان به على طلحة بن عبيد الله الذي ساند الثوار في بداية الأمر على عثمان وعينه على الخلافة بعده. نورد الرواية بتمامها، كما جاءت عند الطبري.. حدثني عبدالله بن أحمد المروزي قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان، قال: حدثني عبدالله عن جرير بن حازم، قال: حدثني هشام بن أبي هشام مولى عثمان عن شيخ من أهل الكوفة، يحدثه عن شيخ آخر، قال: حصر عثمان وعلي بخيبر، فلما قدم أرسل إليه عثمان يدعوه، فانطلق، فقلت لأنطلقن معه ولأسمعن مقالتهما، فلما دخل عليه كلمه عثمان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد، فإن لي عليك حقوقاً؛ حق الإسلام، وحق الإخاء - وقد علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين آخى بين المهاجرين والأنصار آخى بيني وبينك- وحق القرابة والصهر، وما جعلت لي في عنقك من العهد والميثاق، فو الله لم يكن من هذا شيء ثم كنا إنما نحن في جاهلية، لكان مبطأ على بني عبد مناف أن يبتزهم أخو بني تيم ملكهم. فتكلم علي فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فكل ما ذكرت من حقك علي على ما ذكرت، أما قولك: لو كنا في جاهلية لكان مبطأ على بني مناف أن يبتزهم أخو بني تيم على ملكهم فصدقت، وسيأتيك الخبر.
ثم خرج فدخل المسجد فرأى أسامة بن زيد جالساً، فدعاه، فاعتمد على يده، فخرج يمشي إلى طلحة فتبعته، فدخلنا دار طلحة بن عبيد الله وهي دحاس من الناس، فقام إليه، فقال: ياطلحة..ما هذا الأمر الذي وقعت فيه؟ فقال: يا أبا حسن.. بعد ما مس الحزام الطبيين! فانصرف علي ولم يحر إليه شيئاً حتى أتى بيت المال، فقال افتحوا هذا الباب، فلم يقدر على المفاتيح. فقال: اكسروه، فكسر باب بيت المال، فقال: أخرجوا المال، فجعل يعطي الناس، فبلغ الذين في دار طلحة الذي صنع علي، فجعلوا يتسللون إليه حتى ترك طلحة وحده. وبلغ الخبر عثمان فسر بذلك، ثم أقبل طلحة يمشي عائداً إلى دار عثمان، فلما دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين.. أستغفر الله وأتوب إليه، أردت أمراً فحال الله بيني وبينه. فقال عثمان: إنك والله ما جئت تائباً، ولكنك جئت مغلوباً، الله حسيبك يا طلحة"( ).
نجد أن مثل هذه الرواية المتناقلة بالتواتر إلى مصدر مقرب من عثمان وأحداثه أقرب صحة ويقيناً وما تطمئن إليها النفس من الروايات التي تنسب عامة إلى أبي مخنف على إرسالها. فالأسباب والعوامل التي طرحها عثمان بين يدي علي كفيلة بالانتصار لعثمان ودعمه، فهي القرابة، والمصاهرة، وأخوة الدين، وأخوة الاقتران التي آخى بها النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، وكفى بها رابطاً بينهما للدعم والنصرة، وكذلك العصبية القبلية لو كانوا في جاهلية، كما ذكر عثمان، فضلاً عن التأليب عليه أو الثورة ضده، فقد رأينا طلحة الذي يطالب بدم عثمان بعد مقتله هو أحد المؤلبين عليه بالثورة قبل القتل، ولكنه عاد وتاب في نهاية المطاف عنها!
وهذه العوامل والرواية تدحض كل افتراء على علي بدم عثمان أو مساندة الثوار عليه. وبعد الرواية السابقة جاء عبدالله بن عباس بكتاب من عثمان إلى علي أن يخرج إلى ماله في ينبع حتى يتفرق هتاف الناس باسمه، فقال علي لابن عباس: "يابن عباس ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملاً ناضحاً بالغرب أقبل وأدبر؛ بعث إلي أن أخرج ثم بعث إلي أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج، والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثماً"( ).
يبدو أن هناك خلطاً وتعمداً من قبل بعض رواة الأمويين للتحامل على علي باتهامه بدعم الثورة على عثمان لما نسميه اليوم بالتعبئة المعنوية والبحث عن الدافع والمبررات في معاداة الأمويين لعلي بن أبي طالب، وتبرير الحرب عليه وعدم مبايعته، والاستئثار بالخلافة من دونه، وكذلك حقد معاوية لعزله من الشام لولا عصيانه وتمسكه بالولاية، وكل من حقد على علي في موضوع من المواضيع ذهب إلى معاوية لمناصرته، والأسماء والدوافع كثيرة في هذه القضية، والروايات أكثر، كما عند الطبري والواقدي.
فهذا عبيد الله بن عمر بن الخطاب حقد على علي أثناء محاكمة عثمان لعبيد الله بسبب قتله الهرمزان وابنة لؤلؤة المجوسي وجفينة النصراني ثأراً لأبيه، وكان عثمان طلب رأي الحاضرين في المحاكمة، وكان رأي علي أن يقتل عبيد الله قصاصاً، لكن عثمان تحمل دية القتلى من ماله الخاص وظل يعرف جميله ذاك حتى استشهد فلحق عبيدالله بمعاوية بالشام، وكذلك فعل الكثيرون من المهاجرين والأنصار، وخاصة أولئك المطالبين بدم عثمان.
وكذلك طلحة قد وجد في نفسه على علي بأن فض الناس عنه لأنه كان يطمح بالولاية وكأنه يرى لنفسه حقاً فيها بعد أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما- كونه ابن عمه، كما فعل معاوية مع عثمان لأنه ابن عمه. ولا يستبعد هذا الأمر برمته أنه كان من ضمن مكايدة السبئية والثائرين على عثمان.
يتبع....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.