للسنة التاسعة على التوالي والكهرباء في اليمن تمثل القضية الأكثر تعقيدا وتنغيصا لحياة المواطن. تدور حولها العديد من علامات الاستفهام أولها من المستفيد ومن المسئول عن كل ما يحدث واخرها الى متى سيبقى الحال على ماهو عليه ؟ في المحافظات الجنوبية خاصة عدن تنقطع الكهرباء ل 16 ساعة يوميا. لم تنجح كل الجهود في إنهاء المعاناة كما يصعب إحصاء من تم تعيينهم مديرا لمؤسسة الكهرباء ومديرا لمكتب المحافظة. عشرات الخطط وضعت للقضاء على هذه المشكلة الوحيدة الواحدة لكن دون حل . وفي عدن يتكرر مسلسل اطلاق المستشفيات ومؤسسة الكهرباء نفسها نداءات استغاثة لتوفير الوقود ويخرج المواطنون في تظاهرات غاضبة على تردي الوضع المعيشي وانقطاع الكهرباء. يحدث أيضا أن يتم تزويد المحطات بديزل مغشوش وتشكل لجان لحصر الاضرار في المحطات ولجان للتحقيق دون التوصل إلى نتائج أو بالأصح لا يتم الكشف عنها. من ستة ريالات الى 600 ريال في المناطق التي استولى عليها الحوثي فإن الوضع أسوأ وخارج عن المألوف والقدرة على الاحتمال. شهدت خدمة الطاقة الكهربائية منذ العام 2011 تراجعا في الأداء نتيجة عوامل تخريبية متعمدة واستمرت في الانحدار واشتكى المواطن من رفع التسعيرة لستة ريالات للكيلو وات إلى أن جاءت الميليشيا في 2014 وكلفتت كل شيء وبرمجته لحسابها الخاص كمصدر مهم لجني الأموال والإنفاق على حروبها. في العام 2015 اختفت الكهرباء كخدمة تماما إذ أنشأت الجماعة عشرات الشركات الخاصة التي تحتكر عملية توفير الضوء والطاقة بما فيها التي مصدر تيارها المحطات الحكومية لتبيعها للمواطن والمحلات والمؤسسات الخاصة بأسعار فلكية لا ترحم . ظلت الكهرباء تتلاعب بمعاناة المواطنين واحتياجهم لها هبوطا وصعودا إلى أن وصل ثمن الكيلو وات 600 ريال ومثلها رسوم اشتراك ترفق أسبوعيا بفاتورة السداد. بعد أبريل 2022 انخفضت اسعار الوقود قليلا بفعل الهدنة واضطرت الميليشيا نتيجة انكشاف مبررات وحبكات اختلاق أزمات وسوق سوداء إلى إعلان تسعيرة جديدة للكهرباء تمت على أربع مراحل وبدأت الالزام بها في أكتوبر الماضي لكن بشكل بطيء و مماطل حتى استقرت التسعيرة قبل شهر عند 250 ريالا للكيلو وات. يصور إعلام الميليشيا بأن هذا التخفيض دليل على أن قيادته لن تسمح لأصحاب المولدات التجارية بابتزاز واستغلال المواطن وأنها تعمل ليل نهار لتخفيف ثقل الاعباء الثقيلة عن كاهله . عند مقارنته بتسعيرة القطاع العام والتجاري في جميع دول العالم يظل الكيلو وات في اليمن الاغلى والاعلى وبفارق ارقام صادمة. في السودان الذي يخوض حربا دموية بين أبنائه ارتفعت اسعار الكهرباء الى 17 سنتا للكيلو وات بمعنى 85 ريال يمني. يعاني العراق من أكبر عمليات فساد طالت قطاع الكهرباء إلا أن الكيلو وات يباع للمستهلك بما يعادل 33 ريال يمني. لبنان حيث اسوأ ازمة اقتصادية وانعدام متكرر للوقود وصلت قيمة الكيلو وات عشرة سنتات أي 50 ريال يمني. سوريا رغم الحرب الطويلة فإن سعر الكهرباء تعادل 56 ريالا يمنيا للكيلو وات. ليبيا هي الاخرى لا تتجاوز التسعيرة المباعة ما يساوي 30 ريالا يمنيا. وفي تونس تعادل التكلفة 36 ريالا يمنيا.