تتزايد التوقعات بقرب اتخاذ الغرب قراره بتوجيه ضربات عسكرية ضد النظام السوري بعد تورطه المرجح في استخدام السلاح الكيمياوي بالغوطة في ريف دمشق الأسبوع الماضي، حيث يتناقل محللون قائمة بعدد من الأهداف العسكرية والأمنية المحتمل تعرضها للقصف، والتي تم توضيحها على الخريطتين المرفقتين. وتوضح الخريطة الأولى, أهم المطارات العسكرية والمدنية التي من المتوقع قصفها في عدة محافظات، ومن أهمها مطارات الضمير والقصير ودير الزور والطبقة واللاذقية. ومن المتوقع أيضا, تعرض بعض المصانع والمخازن التي يعتقد بأنها مخصصة للسلاح الكيمياوي للقصف وهي تتوزع على دمشق وريفها واللاذقية وحمص وحماة والسفيرة بحلب. وفي العاصمة دمشق، تظهر الخريطة الثانية, عدداً من المقار الأمنية التي يقول ناشطون إنها تضم معتقلات يُمارس فيها أشد أنواع التعذيب، وهي تنتشر في مناطق سكنية عدة. كما تضم دمشق العاصمة قيادة الأركان وثكنات الفرقة الرابعة المدرعة والحرس الجمهوري، وهما وحدتان مشاركتان في قصف المناطق المدنية، بحسب ناشطين. وتهدف الضربات المتوقعة إلى "معاقبة" نظام بشار الأسد وتوجيه رسالة له، وليس للقضاء على قدراته الجوية أو إعطاء تقدم استراتيجي للمعارضة، وفق الخبراء. ومع تزايد هذه التوقعات قال مصدر تابع للأمم المتحدة في بيروت إن مفوضية الأممالمتحدة لشؤون نزع السلاح "أنجيلا كين" غادرت العاصمة السورية دمشق، في الوقت الذي من المقرر أن ينهي فيه فريق التفتيش الدولي عمله في آخر أيام مهمته قبيل مغادرته اليوم السبت. وقد زار المفتشون الجمعة مستشفى المزة العسكري في منطقة تسيطر عليها الحكومة في دمشق لزيارة جنود يشتبه بتعرضهم لغازات سامة, وقد أعلنت دمشق رفضها أي "تقرير جزئي" لمفتشي الأممالمتحدة، وشددت على ضرورة انتظار "التحاليل المخبرية" للعينات التي جمعتها البعثة. وقد نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر أممي أن "كين" توجهت إلى بيروت براً, كي تغادر من المطار الدولي في لبنان, ومن المتوقع أن يظل بقية فريقها حتى السبت. كما شوهد رئيس فريق التحقيق في الأسلحة الكيمياوية أكي سيلستورم يتحدث إلى مفتش وهو جالس في إحدى السيارات المغادرة إلى بيروت مع كين، وفق وكالة رويترز. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال أمس إن فريق التفتيش الدولي عن الأسلحة الكيمياوية في سوريا يعتزم مغادرة دمشق صباح السبت، وأشار إلى أن الفريق الذي وصل سوريا يوم 18 أغسطس/ آب الحالي سيرفع تقريرا إليه فور مغادرته للبلاد. وكان المفتشون قد أمضوا الأسبوع في زيارة مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة بريف دمشق بعد تقارير عن هجوم بالغاز السام الأسبوع الماضي تلقي المعارضة بالمسؤولية فيه على الرئيس بشار الأسد، وعلى الجانب الآخر تتهم الحكومة مقاتلي المعارضة بشن هجمات بأسلحة كيمياوية على مدنيين وجنود. وقالت مصادر أمنية سورية وشهود عيان أمس إن فريق التفتيش وصل مطار المزة العسكري لزيارة جنود تقول وسائل الإعلام الحكومية إنهم تعرضوا لغاز سام بضاحية جوبر في دمشق السبت الماضي. ونقلت رويترز عن شاهد أن المفتشين لم يكونوا يرتدون سترات واقية مما يشير إلى أنهم لن يزوروا مناطق تسيطر عليها المعارضة بعد زيارتهم القاعدة العسكرية. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية حينها أن بعض الجنود تعرضوا لأدخنة كثيفة بعد أن عثروا على مواد كيمياوية في نفق كان يستخدمه مقاتلو المعارضة, وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية إن الجنود عانوا من حالات اختناق. ولم تظهر تغطية القنوات التلفزيونية الرسمية, دلائل توضح استخدام سلاح كيمياوي وإنما عرضت لقطات لخمسة براميل بلاستيكية زرقاء وخضراء من النوع الذي يستخدم عادة في نقل النفط، مصفوفة أمام جدار في غرفة، وكذلك لقطات لعدد من قذائف هاون صدئة وغيرها من المقذوفات. وكان النظام اتهم مقاتلي المعارضة باللجوء إلى أسلحة كيمياوية لصد هجوم للجيش في حي جوبر في شرق العاصمة السبت الماضي. وتتهم المعارضة ودول غربية قوات النظام بشن هجوم بأسلحة كيمياوية على مناطق بالغوطتين في ريف دمشق تسبب بمقتل 1300 وفق مصادر الثوار. ومع قرب إنهاء المفتشين مهمتهم بدمشق, أعلن وزير الخارجية السوري/ وليد المعلم أمس رفض أي "تقرير جزئي" لمفتشي الأممالمتحدة, ونقلت وكالة سانا عنه ضرورة انتظار "التحاليل المخبرية" للعينات التي جمعتها البعثة "والتحقيق بالمواقع التي تعرض فيها الجنود السوريون للغازات السامة". وأوضحت سانا أن المعلم سأل، في اتصال هاتفي مع بان، عن أسباب سحب أعضاء البعثة من دمشق قبل إنجاز مهمتهم، فأجاب الأمين العام بأنهم "سوف يعودون مرة أخرى لمتابعة مهماتهم". وكان المتحدث باسم الخارجية الروسية "ألكسندر لوكاشيفيتش" دعا أمس الأول المفتشين الأمميين لزيارة مزيد من المواقع التي تردد أنها تعرضت لهجمات كيمياوية، مطالبا ببقاء المفتشين مدة أطول. كما طالب المسؤول الروسي بأن يأخذ مجلس الأمن الدولي في الاعتبار تقرير الخبراء الروس الذين فتشوا موقع استخدام سلاح كيمياوي في خان العسل بريف حلب، بالإضافة إلى التقرير المنتظر من فريق خبراء الأممالمتحدة. وصف وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الرئيس السوري بشار الأسد بالقاتل، وقال إن واشنطن ليست وحدها من سيتحرك ضد نظام الأسد وإنها ستأخذ قرارها بمفردها بعد التشاور مع الكونغرس والشعب الأميركي. وأكد كيري أن بلاده تستند من مصادر عدة لتحميل دمشق مسؤولية الهجوم الكيميائي ولن تكرر أخطاء العراق. وأوضح أن أي ضربة ضد سوريا ستشكل رسالة لإيران وحزب الله. واستبعد المسؤول الأميركي في كلمة بثت على الهواء مباشرة مساء الجمعة أن تكون المعارضة السورية هي من تقف وراء هجوم 21 من أغسطس/ آب على الغوطة بريف دمشق. واعتبر كيري الهجوم جريمة ضد الإنسانية. وأوضح وزير خارجية أميركا أن العملية العسكرية المحتملة ضد النظام السوري ستكون محددة الهدف ولن تشارك فيها قوات على الأرض ولن يكون مثل التدخل في العراق أو أفغانستان. وللقيام بهذه العملية العسكرية، قال كيري إن واشنطن تعول على حلفائها وهم فرنسا والجامعة العربية وأستراليا وتركيا. واعتبر كيري أن مصداقية الولاياتالمتحدة على المحك، وأشار إلى أن "السؤال لم يعد ماذا نعرف ولكن ماذا سنفعل؟", كما أكد أنه "لا يمكن لمجرم مثل الأسد أن يستخدم الكيميائي ضد شعبه ويرتكب جرائم كهذه ولا يعاقب", وأكد أنه من المهم لأمن الولاياتالمتحدة وأمن حلفائها أن تخلص المجتمع الدولي من الأسلحة الكيميائية. كما أكد المسؤول الأميركي أن واشنطن لن تعود للأمم المتحدة للقيام بعملية عسكرية ضد سوريا، وفي هذا السياق أشار إلى أن بلاده تؤمن بالأممالمتحدة وتحترم المفتشين الذي عانوا "لكن تحقيقها لن يحدد من استخدم الكيميائي". وفي معرض تبريره للضربة العسكرية، أشار إلى أن نتائج تقرير الاستخبارات الأميركية بشأن الهجوم الكيميائي -الذي نشر اليوم- واضحة وملزمة. وقال إن بعض هذه النتائج سيتكشف لأعضاء الكونغرس. وأضاف " لقد دققنا بالتقرير حول سوريا أكثر من التدقيق في ما جرى بالعراق، الأسد لديه أكبر نظام أسلحة كيميائية بالشرق الأوسط ولقد استخدمها ضد شعبه، نعرف من أين أطلقت الصواريخ وتوقيت إطلاقها، وكلها من مناطق يسيطر عليها النظام، مسؤول كبير في النظام كان يعرف عن استخدام السلاح الكيميائي وكان خائفا ورصدنا ما قاله بعد ذلك". وأشار كيري إلى أن واشنطن تعرف ما وصفها بتفاصيل مخيفة حول ما جرى بعد الضربة الكيميائية، مؤكدا مقتل 1429 سوريا في الهجوم الكيميائي الذي شنه الأسد على الغوطة منهم 426 طفلا، وفق ما ذكر تقرير للاستخبارات الأميركية. وأفاد تقرير للاستخبارات الأميركية نشر الجمعة أنه يمكن "بقدر عال من الثقة" تحميل النظام السوري مسؤولية الهجوم الكيميائي. وأفاد التقرير الذي نشره البيت الأبيض أن النظام السوري استخدم غاز الأعصاب في الهجوم مستندا في معلوماته إلى "عدة" مصادر استخباراتية. وقال مراسل الجزيرة بواشنطن محمد العلمي إن ما يمكن استخلاصه من كلمة كيري أن واشنطن اتخذت قرارها بشن عملية عسكرية ضد النظام السوري، وإن ذلك ربما يتم بمجرد مغادرة فريق التفتيش التابع للأمم المتحدة خلال ساعات لتبدأ بإطلاق صواريخ كروز, واستند المراسل في ذلك إلى أمثلة هجوم واشنطن في حرب الخليج الأولى على العراق، وتكررت نفس الطريقة في الحرب على العراق عام 2003. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ولجنة الأمن القومي درسا خطط الرد على النظام السوري.