بقلم: مجلي أحمد الجرباني - من المؤكد بأن قبيلة حاشد أيام الشيخ عبدالله لم تعد هي نفسها بعد وفاته خصوصًا بعد أن انقسمت المشيخة إلى عشرة من أبنائه رغم أن الذي ينوبهم في زعامة القبيلة أكبرهم وهو الشيخ صادق, والسؤال هنا عن قبيلة حاشد هل ما زالت تحافظ على نفس الزخم والحضور, ومقياس القوة والتماسك, واستجابة الداعي والولاء أم أن عقل القبيلة وقلبها ما عاد بيد شيوخها الشباب؟ هناك عوامل عديدة ساهمت في إضعاف قبيلة حاشد لعل أولها طرف مستفيد ساهم – ولغاية في نفس يعقوب – على شق الإطار الخارجي لجميع القبائل اليمنية الكبيرة منها والصغيرة دون استثناء وكانت حاشد واحدة من القبائل المستهدفة إن لم تكن هي الهدف رقم واحد نظرًا لمكانتها وثقلها قبل الجمهورية وبعدها. ثانيًا لقد تم ضرب مشايخ القبائل الذين توارثوا هذا المنصب الاجتماعي من خلال إيجاد شخصيات لم تكن شيئًا مذكورًا, فهم ليسوا من بيت المشيخة, أو من الوجهاء المؤثرين في القبيلة, أو من طبقة الإقطاعيين بل تم اختيارهم بعناية من شريحة خاصة داخل القبيلة وتم تلميعهم من خلال دعمهم بالرتبة والمنصب والسلاح والمال والسيارات والمرافقين وذلك لتعويضهم عن لقب الشيخ الذي لم يرثوه مع الأيام وذلك لسحب ولاءات أبناء القبيلة تجاههم وساعد على ذلك زمن المادة القائل " في جيبك قرش تسوى قرش…" وهكذا تنقسم القبيلة وتضعف أما إذا دخلت في صراع مسلح بين أفرادها فبهذه الطريقة يتم إنهاكها معنويًا وماديًا وبهذا يتم ضرب عصفورين بحجر واحد. ثالثًا ساهمت الأحزاب السياسية منذ بزوغها في العام 1990م في تعزيز الانقسام لأن الناس انخرطوا في المكونات السياسية وأعطوها ولاءاتهم وأصواتهم مما أثر سلبًا على دور القبيلة وتأثيرها في المشهد السياسي ومحافظتها على مكانتها في نفوس أبنائها. لقد قيل " من السهل الوصول للقمة لكن من الصعب البقاء فيها " ولقد كانت زعامة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر هي التي قادت قبيلة حاشد إلى القمة وسانده في ذلك الصعود رجل خارف القوي الشيخ مجاهد أبو شوارب وهو الشيخ والضابط والسياسي وكان الرجلان يمثلا ثنائيًا قويًا تحطمت عليه صخرة الإمامة والأخطار التي كانت تحاك ضدهما أو ضد قبيلتهما, كما شكلا فيما بعد ضلعا الجمهورية ولكن بعد كثرة الأحداث السياسة التي مرت على الرجلين برزت بعض المواقف التي كانت سببًا في اختلافهما في وجهات النظر لعل منها موقفهما السياسي من حرب 1994م حين دعم الأحمر رؤية علي عبدالله صالح بينما أبو شوارب أتخذ الحياد وأحتسبه البعض موقفًا سلبيًا لكن ما أثبتته الأيام والأحداث لنا من هذا الموقف وغيره أنه مهما اختلفا في وجهات النظر وتعارضت مصلحتهما إلا أن أي تهديد يمس القبيلة أو يمس أحدهما أو كليهما كان يدفعهما للاتحاد والتمترس في خندق واحد مع تقدير بعضهما لمكانة بعض ومعرفة الأولوية والأقدمية مما عزز الاحترام المتبادل بينهما وهذا الإرث لم يستطع أبناء الشيخين المحافظة عليه وكانت أحداث ثورة 2011م خير دليل على ذلك ولو كان الشيخ أبو شوارب على قيد الحياة وشهد أحداث 2011م لكان له موقفًا فريدًا ولن تمنعه مصاهرة أحد أبنائه للرئيس السابق من اتخاذ موقفًا وطنيًا مشرفًا ليس هو الأول في تاريخ أبو شوارب النضالي والبطولي. وأنتقل الآن من الحديث عن انقسام أبناء القبيلة إلى الحديث عن انقسام أبناء الشيخ الأحمر الذين توزعوا في المكونات السياسية البارزة مما ألقى بظلاله على القبيلة نفسها فهذا مشرق في حب ليلى وهذا مغرب, ولعل بعض مواقع التواصل الاجتماعي ذكرت أن مقاتلي الشيخ حسين الأحمر هم الذين سلموا المواقع دون قتال لمليشيات الحوثي في الوقت الذي تسربت أنباء بأن الشيخ حسين قد قام بزيارة خاطفة لإيران. كما أن ضرب منزل آل الأحمر في وادي دنان بالعصيمات من قبل جماعة الحوثي له مدلولات معنوية على الصعيد القبلي وأيضًا على البعد الجمهوري, فمن تلك البقعة انطلقت جحافل حاشد تدحر الملكية وترفع لواء الجمهورية وهاهي الإمامة اليوم تؤدب ذلك البيت على جسارته لذا يجب أن نعرف أهمية قبيلة حاشد كدرع لعاصمة أول جمهورية في اليمن وضرورة بقاء بوابتها مغلقة وإلا ولجت منه النار المقدسة. ولكي لا يُساء فهمي فأنا لا أدعو إلى الإحتراب الأهلي وإنما إلى عودة الأمور إلى نصابها وتحديد المعتدي من المعتدى عليه, كما أني لا أمجد القبيلة في أسوء صورها عندما تلجأ لمقارعة الدولة والخراب بل أشجع القبيلة في أرقى صورها عندما تكون عونًا ومددًا للدولة في الحفاظ على مقدرات الثورة والجمهورية والله من وراء القصد.