والملفت في هذه المناورات، التي تجري لأول مرة بهذا العدد الضخم من القوات والمعدات، أنها جرت في المنطقة الشرقية ذات المخزون النفطي الكبير، والتي تعيش منذ سنوات توتراً بين السلطات والمعارضة الشيعية السعودية، وفي المنطقة الشمالية التي تعتبر منطقة حدودية مع العراق، وفي المنطقة الجنوبية المتاخمة لمناطق النزاع المسلح في شمال اليمن بين القوات الحكومية اليمنية والمسلحين الزيديين من أتباع الحوثيين الذين تتهمهم صنعاء وبعض خصومهم بالحصول على مساعدات إيرانية. جرت هذه المناورات إذن في مناطق التهديد المباشر للسعودية. الأكثر من ذلك هو أن القوات السعودية كشفت خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته في ختام المناورات، عن الصواريخ بعيدة المدى التي اقتنتها السعودية من الصين والتي نصبت جنوبالرياض وبتصويب باتجاه إيران، وهي الصواريخ المعروفة باسم CSS-2 والقابلة لحمل ذخيرة نووية. وكان على منصة الشرف خلال هذا الاستعراض قائد القوات الباكستانية الجنرال رحيل شريف جالساً بين الأمير سلمان وزير الدفاع وولي العهد السعودي والأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني، في رسالة واضحة إلى وجود تعاون وثيق في المجال العسكري وتحديداً في مجال التصنيع العسكري بين الرياض وإسلام آباد. كل هذا يشير إلى أن السعودية، ورغم ما يشاع من انفراج في علاقات إيران بالغرب، لا تعتقد أن إيران قد كفت عن أن تشكل خطراً على الإقليم المحيط بها وأنها، أي السعودية، تستنفر قواها ليس فقط من أجل جاهزية دفاعية وإنما لتنبيه شركائها في مجلس التعاون الخليجي لمثل هذه التهديدات الإيرانية. ما يضاف إلى ذلك هو أن الانطباع الذي تركته المناورات العسكرية السعودية، التي أطلق عليها اسم يحمل أكثر من رسالة وهو "مناورات سيف عبد الله"، هذا الانطباع يوحي أن المساعي التي تبذلها أطراف دولية وخليجية، مثل سلطنة عمان، لخفض التوتر بين الرياض وطهران وفتح قنوات حوار وربما زيارات متبادلة، لا تزال مجرد مساعي غير مثمرة أو أنها على الأرجح في بداياتها الصعبة، تحديداً لأن بلدان الجوار الإيراني لا تزال، سواء عن قناعة أم عن تخوف استباقي، غير مقتنعة بأن إيران لا تنوي امتلاك السلاح النووي، وذلك هو مربط الفرس في المناورات العسكرية السعودية.