في الوقت الذي أعلنت فيه المملكة العربية حالة التعبئة القصوى على حدودها الشمالية، وحركة قوات وألوية من الجيش والحرس الوطني ناحية الجوف، وأعلنت الاستنفار في قواتها الجوية في القواعد العسكرية بالشمالية، بعد تواتر الأنباء عن اقتراب ميلشيات “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق” من الحدود السعوديّة، وأنّه على بعد 110 كم بعد اجتياحه المحافظات السنية، واجتماع مجلس الأمن الوطني السعودي برئاسة الملك وإعلان اتخاذ كافة الإجراءات للحفاظ على الأمن والاستقرار… اتهم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” قيام القوات السعودية بالتجسّس على مناطق يحتمي بها قريبة من الحدود الشمالية مع المملكة بواسطة كاميرات مزودة بتقنيات حرارية. ونشرت داعش مقطع فيديو على إحدى الصفحات التي تستخدمها لنشر بياناتها ومعلومات عملياتها، حيث قالت محذرة: “أتمنى أخي أن تنشر هذا المقطع وهو تجسس القوات السعودية في الشمال لقوات الدولة الإسلامية ليأخذوا حذرهم”. إجراءات عسكرية فهل السعودية تتجسس على “داعش” كما زعمت الأخيرة؟ وهل هذه مقدمة لقيام السعودية باتخاذ إجراءات عسكرية ضد “داعش” متواكبة مع العمليات التي يقوم بها الجيش العراقي في تكريت وصلاح الدين في محاولة استعادة المحافظات التي سيطرت عليها داعش مرة أخرى وتعزيز سلطة نوري المالكي في رئاسة ثالثة للحكومة؟ أم أن الإجراء السعودي احترازيّ ولا علاقة له بما تقوم به حكومة بغداد؟ المتابع لتحركات السعودية وإعلان التعبئة العامة، وخطاب “داعش” يُلاحظ أنّ هناك حالة من العداء بدأت تظهر، وتمثلت بشكل واضح في إشادة “داعش” بعملية شرورة الدموية التي قام بها مسلحون يشتبه أنّهم من المحسوبين على “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”، والتي كانت تستهدف مبنى المباحث في شرورة والسجن العام وتمكين عناصر من “القاعدة” موجودين في السجن من الهروب، وذهب ضحية هذه العملية أربعة من رجال الأمن السعودي وإصابة آخرين ومقتل خمسة من المسلحين وإصابة السادس والقبض عليه. وهذه الإشادة التي اعتبرتها السعودية خطرًا عليها من “داعش” رغم الخلاف القوي بين “تنظيم الدولة الاسلامية” و”تنظيم القاعدة”، وهو ما يرد على بعض الفرضيات التي كانت تتردد في بعض الصحف الغربية خاصة البريطانية والتي تزعم أنّ السعودية قدمت مساعدات “لوجستية” لتنظيم القاعدة لإسقاط نور المالكي وإنهائه سياسيًّا، بعد أن اتهمته -رسميًّا- في بيان صادر من مجلس الوزراء السعودي أن سياساته الطائفية والإقصائية هي السبب في ما يحدث في العراق. وقد ردّ مجلس الوزراء العراقي برئاسة المالكي ببيان رسميّ على السعودية واتهمها صراحة بدعم الجماعات الإرهابية، في إشارة واضحة أنّها تقف وراء “داعش”. الاستخبارات السعودية والبريطانية فقد تناولت صحيفة “الأندبندنت أون صنداي” “دور السعودية في مساعدة داعش على الاستحواذ على شمالي العراق”. وقال كاتب المقال “باتريك كوكبيرن” إنّ لقاء جمع مدير الاستخبارات السعودية السابق، والسفير السعودي السابق لدى واشنطن بندر بن سلطان ومدير الاستخبارات البريطانية (MI6) ريتشارد ديرلوف، حيث قال بندر للأخير: “إن اليوم ليس ببعيد حين يحس مليار مسلم سني أنهم احتملوا ما يكفي من الشيعة”. وقال كاتب المقال إنّه ليس لدى ديرلوف شك بأن التنظيمات الجهادية السنية حصلت على تمويل من جهت قطرية وسعودية، وإن السلطات في البلدين غضت الطرف عن ذلك، ويؤكد هذا تعاون شيوخ القبائل السنة مع “داعش”، الذين لا يمكن أن يتخذوا هذا الموقف دون رضى من يدفعون لهم في السعودية وقطر. ولكن كلام “الأندبندنت أون صنداي” يتناقض تمامًا مع الخطاب السعودي المعادي ل”داعش”، فقد أكّد المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي في مقابلة أوردتها خدمة «بلومبيرغ» الإخبارية الأميركية، أنّ السعودية تعتبر كلّ الجماعات ذات الصلة بالإرهاب تمثل تهديدًا، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، وقال اللواء التركي: “لكن قواتنا الأمنية مجهزة تمامًا لمواجهة أي تهديد إرهابي”، ونسبت “بلومبيرغ” إلى مسؤول أمني سعودي أنّ الجهات المختصة في المملكة تحقق في قيام مجهولين بتوزيع منشورات في اثنين من أحياء الرياض في أيار (مايو) الماضي تحض على تأييد «داعش»، وأكدت «بلومبيرغ» أنّ «داعش» تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا «تويتر» و«يوتيوب»، لتجنيد شبان سعوديين. مساندة السعودية للجيش الحر وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت الشهر الماضي أنها احتجزت 62 شخصًا بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف سعودية وأجنبية في المملكة، وقالت إنها تبحث عن 44 مشتبهًا آخر، وأشارت إلى أنّ بعض أولئك الأشخاص لديهم اتصالات ب«داعش» في سورية، وفرع تنظيم «القاعدة» في اليمن، وأشارت «بلومبيرغ» إلى مساندة السعودية للجيش الحر الذي يقاتل نظام بشار الأسد في سورية، لكنها أوردت أنه لا توجد أي دلائل على مساندة سعودية ل«داعش»، ونسبت إلى اللواء التركي قوله إنّ الجهات الأمنية السعودية تراقب الشبان السعوديين الذين يتورطون في حوادث كتابة عبارات تحريضية على الجدران، ونشر صور لأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يرفعون رايات الجماعات المتشددة. قالت مصادر أمنية عراقية إن مسلحين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تمكنوا من السيطرة على معبري طريبيل والوليد الحدوديين في محافظة الأنبار، بعد أيام من إعلان سيطرتهم على معبر القائم على الحدود العراقية – السورية، فيما أكدت مصادر في محافظة كربلاء أن «داعش» حاول السيطرة على معبر عرعر الحدودي مع المملكة العربية السعودية. وأوضحت أن “عناصر داعش انتشروا، في منفذ الوليد الحدودي (350 كيلومترًا غرب الرمادي)، بعد انسحاب الضباط والجنود، واستولوا على الأموال المودعة في مصرف الرافدين”. الوصول إلى مسافة 110 كم من الحدود جاء هذا بعد أيام من سيطرة «داعش» على منفذ القائم الحدودي مع سورية، بعد انسحاب جميع الضباط والجنود منه، في انهيار عزاه المسؤولون الأمنيّون هناك إلى ضعف المعدّات والآليات التي يستخدمها الجيش في مقابل الأسلحة الحديثة لدى المسلحين، ودعت هذه التطورات الجانب الأردني وضعَ وحدات الجيش في حال تأهّب على الحدود مع العراق التي تمتد مسافة 181 كيلومترًا، وتمت إعادة انتشار تلك الوحدات في بعض المناطق في إطار خطوات لتفادي أيّ تهديدات أمنية، فيما نقل عن مسؤولين أردنيين قولهم إنّ «المعبر الحدودي الذي يبعد نحو 575 كيلومترًا عن العاصمة العراقية، ونحو 320 كيلومترًا عن عمّان أغلق بشكل فعلي بعدما سيطر مسلحون من داعش عليه”. وأكد مصدر في محافظة كربلاء أن “جماعات مسلحة حاولت السيطرة على عدد من مناطق قضاء النخيب جنوب شرقي الرمادي في حدوده المتاخمة مع محافظة كربلاء، بعد وقوع اشتباكات متقطعة مع قوات الجيش والشرطة». وأضاف المصدر أنّ «المسلحين دخلوا مناطق مختلفة من القضاء، وأن هدفهم السيطرة على منفذ عرعر». وأشار إلى انسحاب بعض قوات الجيش والشرطة من دون مواجهة.