حذر البيت الأبيض الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمس من أي محاولة لاختيار "كبش محرقة" بعد أن اتهم الرئيس اليمني الرئيس الأميركي باراك أوباما بفرض إملاءات على الدول العربية. وقال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني "لا نعتقد أن اختيار كبش محرقة يشكل رداً مناسباً بنظر اليمنيين أو شعوب دول أخرى"، داعياً صالح الى إجراء إصلاحات سياسية للاستجابة ل"التطلعات المشروعة" لشعبه. وكان الرئيس اليمني اتهم من جامعة صنعاء أمس، إسرائيل والولاياتالمتحدة بإدارة موجة الاحتجاجات التي تعم اليمن والعالم العربي فيما كانت المعارضة تنظم تظاهرة ضخمة مطالبة برحيله أمام الجامعة في "يوم غضب" جديد انضم اليهم رئيس هيئة علماء اليمن عبد المجيد الزنداني، ما اعتبر تحولاً حاسماً في عملية لي الأذرع بين المعارضة والرئيس اليمني بعدما تخلت عنه المؤسسة القبلية. وكان صالح الذي أقال 5 محافظين على خلفية التظاهرات، قال خلال لقاء مع أساتذة كلية الطب في جامعة صنعاء حضره صحافيون إن "ما يدور الآن هو عبارة عن إدارة إعلامية... هذه عاصفة رياح التغيير". وأضاف "هناك غرفة عمليات لزعزعة الوطن العربي في تل أبيب وهؤلاء (المتظاهرون) ما هم إلا منفذين ومقلدين". وأوضح أن "غرفة العمليات" التي يتحدث عنها "موجودة في تل أبيب وتدار من البيت الأبيض". وتابع "لا أحد يكذب على أحد، كل يوم ونحن نسمع تصريح (الرئيس الأميركي باراك) أوباما... يا مصر ما تعملوش كذا، يا تونس ما تعملوش هكذا... شو دخل أوباما، شو دخلك بعمان، شو دخلك بمصر، أنت رئيس للولايات المتحدة". واتهم صالح المتظاهرين بأنهم "يدارون من الخارج" و"الإنفاق عليهم يأتي من أموال صهيونية". إلا أنه ذكر بأن "هناك قراراً اتخذ من مجلس الدفاع الوطني بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين والمعتصمين". كما اتهم المعارضين بأنهم يريدون "أن يجرونا الى استخدام العنف والى حرب أهلية لكننا لن ننجر الى هذا المخطط"، مشيراً الى أن "ما يحصل في الشارع اليمني عبارة عن مقلدين، فاليمن ليست تونس ولا مصر والشعب اليمني مختلف". وجدد التعهد بحماية أمن وسلامة المتظاهرين وجدد أيضاً دعوة المعارضة لاستئناف الحوار. وقال "لا حل إلا بالحوار وبصندوق الاقتراع". في غضون ذلك، تدفق عشرات الآلاف من المحتجين الى شوارع اليمن أمس في "يوم غضب" جديد بعد مقتل 24 شخصاً في تظاهرات مطالبة بإنهاء حكم الرئيس علي عبد الله صالح المستمر منذ ثلاثة عقود. وتجمع المتظاهرون في وسط العاصمة اليمنية أمام مبنى جامعة صنعاء حيث يعتصم الآلاف، فيما غصت الشوارع الموازية بالمحتجين، في ما اطلق عليه "يوم الغضب"، مرددين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" و"الشعب يريد رحيل علي عبدالله صالح". وانضم الزنداني الى المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام، مجدداً تأييده لحركة الاحتجاجات، ومعتبراً أنها "جهاد في سبيل الله" وحض المعتصمين على استمرار الاعتصام حتى تتحقق المطالب. وقال في كلمة أمام المعتصمين في ساحة جامعة صنعاء إن التظاهرات المستمرة في اليمن وكذلك في باقي العالم العربي "ينبغي إعطاؤها براءة اختراع لأنها اكتسبت وسيلة جديدة وفعالة وسريعة غير مدمرة في تغيير الأنظمة، وقد بحثنا عن هذه الطريقة منذ خمسين عاماً". ودعا الزنداني العلماء الى "تشكيل لجنة تقصي الحقائق في ما دار من قتل واعتداء على المعتصمين في عدنوصنعاء وتعز" معتبراً أن "ما حدث من قتل واعتداء على المعتصمين السلميين لن يسقط بالتقادم ولو بعد أربعين عاماً". وكان الآلاف من عناصر القبائل توافدوا ليل الاثنين الثلاثاء على صنعاء من المناطق المحيطة بالعاصمة وبعض المحافظات الأخرى كالحديدة والمحويت لمناصرة "المشترك" في تظاهرة في ساحة التغيير قبالة جامعة صنعاء. وفي المقابل، حشد المؤتمر الشعبي العام الحاكم عشرات الآلاف من مناصريه في ميدان التحرير في وسط صنعاء لتنظيم تظاهرة مضادة تنطلق من الميدان باتجاه القصر الرئاسي. وكانت أجهزة الأمن اليمنية عززت تواجدها في صنعاء ومدينة عدن كبرى مدن الجنوب واستنفرت قواتها في الساحات العامة والميادين تحسباً لتظاهرة "يوم الغضب" أمس التي دعا اليها "اللقاء المشترك" المعارض. وأغلقت المحال التجارية في صنعاء أبوابها، وسحبت بعض معارض بيع السيارات سياراتها، تحسباً لاندلاع أعمال عنف قد تصاحب التظاهرة. واعتقلت قوات الأمن في عدن مساء أول من أمس قياديين من" الحراك الجنوبي" عشية التحضير لتظاهرات الأمس احتجاجاً على استخدام قوات الأمن العنف ضد المتظاهرين في تلك المدينة التي سجلت أعلى نسبة قتلى بين المحتجين (21 قتيلاً). وقال مصدر في "الحراك الجنوبي" ل"يونايتد برس انترناشونال" إن قوات الأمن اعتقلت كلا من فهمي الصهيبي ومطيع أحمد وأغلقت مداخل عدن ومنعت القادمين من الدخول تحسباً لوصول متظاهرين من المحافظات الجنوبية. وفشل صالح، حليف الولاياتالمتحدة ضد جناح ل"القاعدة" في إخماد احتجاجات مندلعة منذ شهرين في بلد يمتلك أكثر من نصف سكانه البالغ عددهم 23 مليون نسمة أسلحة ويعيش 40 في المئة منهم على دولارين في اليوم أو أقل ويعاني ثلثهم من جوع مزمن. وتفرض قوات الجيش اليمني حصاراً على مدينة الحبيلين في لحج (جنوب غرب) شمال عدن منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي من دون ان تتمكن من دخولها. واثر زيادة حدة التظاهرات، أقال الرئيس اليمني أمس محافظي حضرموتوعدن والحديدة ولحج وأبين. ولم تعط وكالة الانباء اليمنية الرسمية (سبأ) تفسيراً للإقالات الجماعية لمحافظي 5 محافظات يمنية دفعة واحدة، لكن مصدراً سياسياً أكد أن الإقالات لها علاقات بالتظاهرات.