ادا أردت ان تقيس مدى رقي اي مجتمع عليك ان تقيس نسبة الطبقة الوسطى فيه، اذا كانت النسبة عالية فالمجتمع بخير و في تقدم، وإذا كان الجواب هو العكس، فهذه كارثة. عدن كانت مركز للمتعلمين و للمثقفين و كانت منبر للريادة و التنوير و كان يوجد فيها طبقة وسطى، و كما نعلم بان التغيير في المجتمعات دائما تقوده الطبقات الوسطى. منذ الوحدة ساءت احوال أهالي عدن و انخفض الى حد كبير مستوى دخل الأفراد و العائلات، و اختفت نسبة عالية من هذه الطبقة الوسطى التي تعتبر العمود الفقري للتطور في عدن، فهي التي تنتج المدرسين و المهندسين و الأطباء والقضات، فهي التي تشرع القوانين التي تحمي المواطنين و أملاكهم، و تضمن وجود نظام تربوي للرقي بالمجتمع، و هي التي تنتج رجال الامن لكي يحافظوا على المواطن و الوطن.
يدعي الكثير بان البناء كثر و انتعش في عدن بعد الوحدة، و لكن اي بناء، فهو بناء عشوائي غير منهجي وغير متماشي مع البنية التحتية. عندما يزداد عدن السكان في مدينة ما، و خاصة في دول العالم الثالث، السبب الحقيقي ليس بالضرورة تقدم و ازدهار، و إنما هو يكون ناتج عن هجرة داخلية من المناطق الأقل تقدم، وهذا امر ملحوظ في كثير من الدول الافريقية.
الانفجار السكاني التي شهدته عدن هو عشوائي ساعدت الظروف المحزنة التي تمر بها عدن والجنوب من انفلات أمني و غياب مرافق الدولة و غياب المؤسسات الحكومية و التي ابدع النظام الوحدوي في تدمير و محو كل ظاهرة حضارية كانت موجودة من قبل، عدن الان لا تختلف عن اي مدينة او قرية شمالية من ناحية غياب الامن و البنية التحتية.الخدمات الاجتماعية و الصحية و الأمنية، تدني البنية التحتية وصل الى اردئ مستوى في تاريخ عدن الحديث، بعد أدرك الوحدويين بان عدن و أهاليها غير راغبين بالوحدة، عملوا على تدمير هذه المدينة باغراقها با اكثر عدد ممكن من النازحين، و عملوا على إرساء الإرهاب و نشر الجريمة.
نسبة الطبقات الوسطى في الدول المتقدمة تتفاوت بنسب بسيطة، في احصائية كندية في العام 2010، نسبة الطبقة الغنية او العليا شكلت 20٪ من نسبة السكان، ونسبة الطبقة الدنيا كانت 20٪ ايضا، يعني ان 60٪ من السكان يشكل الطبقة الوسطى. معدل الدخل للفرد للعائلات كان 70000 دولار في السنة. فإذا كان دخل الفرد او العائلة مجتمعة 60 الى 85 الف دولار في السنة فذلك يعني بان العائلة تعتبر من الطبقة الوسطى. وإذا كان دخل الفرد او العائلة مجتمعة 85 الى 125 الف دولار في السنة فذلك يضعها في مصاف الطبقة الوسطى- العليا، و ما فوق ذلك فهو في الطبقة العليا.
اختفاء او قلة نسبة الطبقة الوسطى في المجتمعات هو مؤشر بان الأمور ليست على ما يرام، و ارتفاع نسبة الطبقة الفقيرة هو كارثة اجتماعية، و هنا تقاس الدول الفاشلة.