كنا قد حذرنا من بداية الحراك من السقوف العالية والتصلب وعدم التعامل بحنكة مع القضية الجنوبية على قاعدة "من يريده كله يعدمه كله" وابى الكثيرين الا المزيادة فاصبح معيار الوطنية من هو اكثر خيالية ومزايدة فاتجهت الانظار الى السماء دون تحسس الارض التي نقف عليها او بتعبير ادق دون تحسس الارض ومن عليها فأصيب كثيرين بنرجسية غطاءها الشعب معنا واذا الشعب يوماً اراد الحياة فلابد ان يستجب القدر وكان ذلك مسلمة ربانية وليست بيت شعر اثبت التاريخ والواقع عكسه تماماً فهناك شعوب انقرضت من وجه البسيطة وهناك شعوب مازالت مقهورة رغم تعدد ثوراتها بل ان غالبية شعوب العالم في الماضي والحاضر تندرج تحت فئة الشعوب المقهورة والمغلوبة على امرها . ومن رحم ذلك التصلب ولد الانكسار الفظيع والدوران حول الذات 180 درجة ليتحول الى ليونة رخوة يمكن عصرها وتشكليها كآلهة من تمر التهامها افضل من التبرك بها وهكذا تكون نهاية من تصلب فانكسر فلان فنعصر ولا عزاء . كانت الصدمات المتوالية للناس من اولئك المنعصرين المنكسرين وبعد رفع سقف المزايدات والآمال مخيبة الى درجة انه بدا النقاش حول استمرار الحراك من عدمه وهو نقاش يفترض ان لا يخطر على بال مالم يكن سقف المزايد مرفوعاً فالأصل ان الحراك يجب ان يستمر ويتصعد حتى تحقيق الاهداف المعقولة وهي تلك الاهداف التي انطلق الحراك على اساسها وليس تلك التي بناها من رمال المزايدين . اي ان استمرار الحراك مرتبط باستعادة الحقوق الخاص والعامة كاملة وليس بالمشاريع السياسية ( فك ارتباط - فدرالية - فدراليات متعددة ) التي لا يمكن ان تقف على ارضية صلبة مالم ترتكز على تلك الحقوق , بالإضافة الى وجود الشريك المناسب في الضفة الاخرى والذي لا يمكن ان يكون نفسه من تسبب في تلك الازمات ومن ارتكب الجرائم في الماضي اي ان استعادة الحقوق لا تفاوض عليها وهي موضوع الحراك اما المشاريع السياسية فهي التي يمكن التفاوض عليها ليس مع من ارتكب الجرائم واوجد ذلك الواقع كما انه لا يمكن تصور حوار جدي مالم تستعاد الحقوق كاملة , ومن هنا جاء رفض حوار الموفمبيك وبالضرور وتبعاً لذلك سيتم رفض نتائجه وهذا لا يعني باي شكل من الاشكال ان ذلك يعني الوقوف في مواجهة مع المجتمع الدولي ولا يعني ايضاً عدم الوقوف مع الرئيس هادي في مواجهة القوى المتنفذة التقليدية في الشمال , اي انه يجب بناء موقف يتعامل مع الواقع دون التنازل عن الحقوق وتطلعات الشعب ويرتكز على الاتي : 1- استمرار الحراك والتصعيد فيه حتى استعادة كافة الحقوق عامة وخاصة بعيداً عن المشاريع والشعارات السياسية الغير منتجة الان . 2- مساندة المجتمع الدولي وقراراته وكذا قوى التغيير الحقيقية في الشمال في الامور المشتركة كاطار عام ( الاستقرار - مكافحة الارهاب - التخلص من القوى المتنفذة التقليدية - اقتسام السلطة بين الشمال والجنوب ) 3- مساندة الرئيس هادي والوقوف الى جانبه في مواجهة القوى المتنفذة التقليدية مالم يعني السماح لها بالعودة للواجهة والاستفراد بالرئيس ومن ثم الاستفراد بالحراك وبقية قوى التغيير الحقيقية في الشمال . 4- رفض الحوار ومخرجاته باعتباره حوار بين متنفذين تسببوا في المشكلة ولن يكونوا جزء من الحل وهذا ما اثبته الواقع العملي بعد الحوار حيث احتكموا للبنادق وليس للمخرجات , مع قبول الاطر العامة والمبادئ الاساسية التي عبرت عنها القرارات الدولي ابتداء من القرار 924 وصولاً الى القرار 2140 . 5- عدم الانجرار خلف القيادات التقليدية ومكوناتها الهشة التي سيطرت على الساحة الحراكية خلال السبع السنوات الماضية وايجاد مؤسسات جماهيرية نقابية مهنية والانخراط معها في حراك جماهيري يستند على مؤسسات مدنية تتعامل مع الحاضر والمستقبل ولا تستجر الماضي . مالم نتعامل بوسطية ومرونة مع الواقع بتلك الاسس او المرتكزات فاننا سنسبح بعيداً عن الواقع بين ضفتي التصلب والليونة وبين الكسر والعصر .