بالفعل أختار جيش الدفاع الإسرائيلي وقت أكثر من مناسب لتكرار اعتدائه الارهابي على شعبنا الفلسطيني سواء بالضفة أو قطاع غزة، فجميع دول المنطقة مغروسة في كم هائل من المشكلات و الازمات الداخلية بجانب انشغالها بخطر الارهاب الذى بات يهدد حدودها من كل أتجاه، بالإضافة الى انشغال الرأي العام العالمي بالبرازيل و أحداث مباريات كأس العالم . وفي كل الحالات المجتمع الدولي تجاه قضية فلسطين أصم و أبكم . و لكن الى أي مدى ستتوسع تلك العمليات العسكرية الاسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني، و ما سيكون رد فعل كلا من حركة فتح او حركة حماس و كتائبها المسلحة، و هل سيحمل ذلك الصيف ما حمله صيف 2006م .
بداية كان الاعتداء الإسرائيلي على فلسطين كسابقه من اعتداءات أخرى سواء في التوقيت الزمنى، او شكل العمليات العسكرية المتبعة، أو الاهداف التي يتم تصفيتها . و بدون أدنى شك الهدف الرئيسي من تلك العملية العسكرية هو ضرب طاولة الحوار الفلسطيني الداخلي رأسا على عقب، و أنهاء المصالحة الفلسطينية على غير ما كانت تشتهى السفن على ضفاف النيل، وبالتأكيد ستتعطل فرص محاولات تشكيل حكومة توافق وطني و عدم تقدمها خطوة أخرى الى الامام، بعد أتباع عملية خلط لجميع الاوراق التي كانت مطروحة او قد تطرح في المستقبل القريب بين الفلسطينيين و بعضهم، و أيضا بعد فشل محاولات " جون كيري " لإجراء عمليات تسوية، و أذا كان قد جاء ذلك العدوان الغاشم بخسارة سياسية معتادة على حركة فتح، فهو قد جاء بمكسب عسكري لها بعد تقويض ذراع حركة حماس العسكري لكى تجلس بجوارها على نفس مقعد التفاوض مع دولة الاحتلال، و عدم مزايدة حماس عليها في منهج المقاومة المسلحة، بينما جاء ذلك العدوان بالعكس على حركة حماس فقد جاء كطوق نجاه سياسي و ليس عسكري لحركة حماس بعد مرورها بعام كامل من العزلة الاقليمية بعد عزل " محمد مرسى " في القاهرة، و خسارتها للعديد من الاطراف السياسية الهامة و الشعبية المؤثرة التي تؤثر في سير عملية المصالحة الفلسطينية، فقد عاد أسم حركة حماس يتردد أعلاميا مرة أخرى، و بات طريق المساعدات مفتوح لها مرة أخرى، و بات طريق المزايدات أيضا من بعض القوى الاقليمية ممهد تماما لإعادة أنتاج العديد من الافلام القديمة مرة أخرى، و الجميع من هؤلاء المزايدين ذو الاطماع الاقليمية يتحدوا جميعا و يصطفوا صفا واحدة تحت شعار نصرة غزة، و هم أكثر من صدروا الازمات الطائفية المذهبية بالمنطقة، و أكثر من تاجروا بالقضية الفلسطينية بعد أن تم اختذالها بقضية دولة حماس بقطاع غزة .
الى أن جاءت الضربة الاستباقية من رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس " خالد مشعل " بظهوره على شاشات التلفزيون عصر يوم الاربعاء الموافق 9 يوليو من عامنا الحالي، و القائه خطاب عرفاتى الهوى ( نسبة للمناضل الراحل ياسر عرفات ) لم نعتاد سماع مثل تلك التصريحات و الخطابات من قيادات حركة حماس الاصولية المحسوبة قبل كل شيء على جماعة الاخوان المسلمون، الذين قسموا بالانتماء للجماعة وحدها دون غيرها، و الطاعة الكاملة لقياداتها، فقد أظهر ذلك الخطاب " خالد مشعل " على أنه المدافع الوحيد عن القضية الفلسطينية برمتها و ليس المدافع عن حركة حماس او حكومته و نفوذه بقطاع غزة فقط . و أكثر ما أدهشني في خطاب " خالد مشعل " عندما قال أنتظر نخوة الجيش المصري . لقد سمعت تلك الجملة و ضحكت لئلا يكون منتظر نخوة الجيش المصري في الرد على اقتحام حركة حماس للسجون المصرية يوم 28 يناير 2011م، و تهريب أعضاء مكتب الارشاد و على رأسهم " محمد مرسى العياط " المحبوس وقتها على قضية تخابر مع الولاياتالمتحدة، أم ينتظر نخوة الجيش المصري على ما قدمته حركة حماس لعناصر بيت المقدس التي استهدفت ضباط و جنود الجيش المصري في سيناء، أم ينتظر نخوة الجيش المصري بعد تعدى حركة حماس على الحدود المصرية و تهديد الامن القومي المصري بتهريب الاسلحة للجماعات الارهابية داخل مصر عبر أنشاء أكثر من 1200 نفق، أم ينتظر نخوة الجيش المصري بعد أسقاط مروحية له في سيناء و استشهاد طاقمها على يد عناصر الاسم الحركي لحركة حماس في سيناء، أم ينتظر نخوة الجيش المصري بعد تهريب أطنان من الوقود لقطاع غزة و ما سببه ذلك من أزمة في موارد الطاقة تعانى منها مصر حتى الان، أم كان ينتظر نخوة الجيش المصري بعد أن بات كل مواطن مصري في حالة رعب بعد الكم الهائل من المتفجرات و السيارات المفخخة التي تقتل كل يوما أرواح الابرياء من المصريين، أم ينتظر نخو الجيش المصري في الرد على " أسماعيل هنية " رئيس حكومة قطاع غزة عندما قال أنه لدينا 25 الف جندي بغزة قادرين على احتلال مصر في ساعات و كسر شوكة الجيش و الشرطة المصرية، أم ينتظر نخوة الجيش المصري في الرد على تصريحات " فتحي حماد " وزير داخلية حماس عندما صرح يوم 31 مايو 2012م لجريدة الرأي الكويتية المصريون هبلان مش عارفين يديروا حالهم... بيشتغلوا بناء على رؤيتنا إحنا... وراح نربطهم بإيران لأن اليوم زمنا إحنا وزمن الإخوان، ومن سيقف في طريقنا راح ندوسه بلا رجعة .
بعيدا عن سموم المدعو " خالد مشعل " فجميع الاطراف سواء بداخل فلسطين من حركة فتح او حماس او باقي فصائل المقاومة الفلسطينية او حتى دولة الاحتلال الإسرائيلي نفسها قد تخسر و قد تربح، قد تفوز بجولة و قد تخسر أخرى، قد تتقدم الياتها العسكرية كيلو متر للأمام بينما سياسيا و دبلوماسيا تتراجع خطوات كثيرة للخلف، بينما الخاسر الوحيد في كل الصدامات الداخلية او المواجهات الخارجية، و الذى يدفع ضريبة كل الجوالات من روحه و دمه هو الشعب الفلسطيني المناضل، و اذا كان الوضع خطرا بقطاع غزة فالوضع أيضا لا يقل خطورة فى الضفة، و أذا كان بيت إسرائيل الداخلي و ما به من تحالفات و صراعات و مرحلة شد و جز بين " بنيامين نتينياهو " زعيم حزب الليكود، و " يتسحاق هيرتسوغ " زعيم حزب العمل، و " أفجيدور ليبرمان " زعيم حزب أسرئيل بتينو أى أسرائيل بيتنا، و تفاقم الوضع فى بيت اليمين الاسرائيلي، ثم ظهور تحالفات جديدة قد تغير من شكل الدوائر السياسية بداخل تل أبيب تماما، و هو الامر الذى قد يؤثر فى طبيعة القرارات الداخلية و تأثيرها على القرارات الخارجية لدولة الاحتلال الاسرائيلي و لو بشكل غير مباشر على الاحداث الواقعة حاليا .
و يبقى من الواضح أنه ليس من مصلحة إسرائيل كلها سواء بمؤسساتها السياسية أو جيشها و حكومتها الحالية التوسع في أي عمليات عسكرية أخرى، و عليها بالانصياع لمحاولات تهدئة القاهرة و أعادة الحسابات و التفكير مرة أخرى، واستخدام العقل هذا أن وجد من الاساس، فأي أفعال غاشمة أخرى قد يكلف الجميع ثمنا باهظا، و نتائج لا يعلم مدى عواقبها الا الله .