انتظروا قريبا تفاصيل موثقة بالصور حول العملية التي نفذها الإخوة المجاهدون على دوريتين لعساكر الطاغوت بمنطقة هنشير التلة بجبل الشعانبي عشية يوم الأربعاء الثامن عشر من رمضان، و التي مكن الله فيها من سقوط 15 قتيلا و 20 جريحا، ثم انحياز الإخوة المجاهدين بعدها إلى قواعدهم سالمين غانمين ولله الحمد . هكذا جاء بيان جماعة أنصار الشريعة بتونس على مواقع التواصل الاجتماعي و شبكات الانترنت، بعد تنفيذ عملية إرهابية راح ضحيتها 15 جندي من الجيش التونسي، فلماذا أذا هذا التطور النوعي في المواجهات بين الاسلاميين و الجيش التونسي، و من المستفيد، وما استراتيجية هؤلاء الارهابيين في المستقبل القريب، و كيف ينعكس ذلك على الوضع السياسي الداخلي .
البداية كانت في أبريل 2011م بعد خروج العديد من الارهابيين من السجون التونسية بعد سقوط حكم " زين العابدين بن على " و قدوم العديد من العناصر التكفيرية و الجهادية من افغانستان الى المنطقة و ما حدث من ترابط بينهم و بين التنظيمات القاعدية بدول المغرب العربي حتى رأينا عناصر منشقة من سرايا رأف الله الساحاتى و تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، و قيادات جهادية عديدة أبرزها " خالد الشايب " المعروف باسم " ابو لقمان " و غيرها من الذين أتخذو من جبل الشعانبى الواقع على الحدود بين الجزائر و تونس و الذى يبعد 300 كم جنوب غرب تونس العاصمة نقطة تمركز وانطلاق لعناصر جماعته، لكى يسير بذلك جبل الشعانبى على خطى جبل الحلال بشبة جزيرة سيناء حيث تتمركز أعداد و مجموعات ضخمة من العناصر الارهابية المسلحة التي تحمل أفكار تنظيم القاعدة، و تعمل تحت لوائها، و وفقا لمخططاتها . و بات جبل الشعانبى مسرحا لجميع المواجهات الدموية بين العناصر التكفيرية المسلحة و الجيش التونسي، و أصبحت اخباره مصدر فزع للمواطن التونسي، و الحادثة المؤلمة الاخيرة كانت الاوجع منذ حادثة 29 يوليو 2013م التي راح ضحيتها 8 جنود تونسيين بعد أن قامت العناصر التكفيرية بالتمثيل بجثثهم و الاستيلاء على أسلحتهم، و ذلك بعد أيام قليلة من حادثة اغتيال زعيم حزب التيار الشعبي " محمد البراهمي " يوم 25 يوليو من نفس العام . و ل " خالد الشايب " المتخصص في الكيمياء و المتفجرات تاريخ و سجل حافل بالعمليات الارهابية التي راح ضحيتها العديد من الابرياء في الجزائر منذ أوائل التسعينات ليتفوق به على أستاذه الإرهابي المخضرم زعيم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي " عبد المالك درودكال " او القائد السابق " أبى عياض " الذى القت القوات الامريكية القبض عليه في ليبيا .
و حقيقة الامر تلك العمليات الارهابية التي تستهدف جنود الجيش التونسي توفر درع و أذرع طويلة لأحزاب الاسلام السياسي التي تحاول كل يوم و كل ساعة فرض أرادتها و رائيها حتى و لو كانت ضد أرادة الشعب التونسي نفسه، فتلك الجماعات المسلحة هي الاجنحة العسكرية لتلك الاحزاب الاصولية و هذا لا يخفى على أحد، كما انها ترجح كافتها بقوة داخل اروقة الحكم و دوائر صنع القرار و تساعد على فرض رائيها في أوقات الجدال و النزاع لكى تأتى كخطوة حسم لها في المعارك السياسية التي يفترض أنها تخاض بشرف، و أكبر دليل على ذلك هي حالة اللامبالاة التي تنتاب الاحزاب الاسلامية داخل تونس مع وقوع كل عملية إرهابية مثل تلك العمليات، فما لم يلحق الاخوان بتحقيقه في مصر يقوموا الان بتنفيذه في تونس ( الذى يفكر التنظيم الدولي بأن تكون هي المركز الرئيسي الجديد للتنظيم ) و هو خلق كيان مسلح موازى للجيش التونسي لكى يعمل على استنزافه، و الحسم في أوقات الصراع أو عند شعور تلك الاحزاب الاصولية بالابتعاد من دوائر الحكم، و هو الامر الذى أصبح واضحا للجميع في المرحلة الحالية التي تشهدها دول الخريف العربي، وهي مرحلة تصفية الجيوش أي تصفية عمود الدولة .
و الان المجلس التأسيسي الذى أعتاد التباطؤ الذى يصل الى مرحلة التواطؤ في اصدار قوانين و تشريعات صارمة لمكافحة و بتر الارهاب، بات بتباطؤه يسلم الرصاص دائما للتنظيمات و الجماعات الارهابية التي لا تكذب خاطر المجلس التأسيسي لتمزق برصاصه تونس نفسها و ليس مجموعة من الجنود فقط .
فهل السيد " مهدي جمعة " رئيس الحكومة التونسية الجديدة يملك قدرا من الشجاعة لفرض هيبة الدولة التونسية على الجميع للحفاظ على أمن تونس القومي وأمن شعبها، أم سندخل في معضلة جديدة و حسابات أخرى في التوازنات بين من هو يدرك خطورة ذلك على الامن القومي لتونس، و من يضع تونس هدفا للاستيلاء عليها، و نرى مسلسلات دموية أخرى للشعانبى لكى يسير بذلك على خطى مسلسلات الدم بجبل الاحلال بسيناء . و حقيقة الامر ذلك المسلسل التونسي بدئت أولى حلقاته بصدور قرار من الرئيس " منصف المرزوقى " بإقالة قيادات عديدة من الجيش التونسي كانت تقف لجماعة أنصار الشريعة و حلفائها بالمرصاد، و كانت تلك القرارات التي اتخذت في أغسطس 2013م انعكاس مباشر لعزل رئيس جماعة الاخوان بمصر بعد ثورة 30 يونيو من نفس العام، و كان أبرز من تم أقالتهم اللواء " محمد نجيب الجلاصي " و اللواء " كمال العكروت " الذى هدد بالتصفية الجسدية .